النعيمي يكتب: زيارة الملك لواشنطن ووضع النقاط على الحروف

{title}
أخبار الأردن -

  خلدون ذيب النعيمي

تأتي أهمية زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني المرتقبة الى واشنطن كونها تحمل في طياتها اللقاء الاول للرئيس الامريكي دونالد ترامب ضمن ولايته الثانية وإدارته الجديدة مع زعيم عربي، وتأتي ايضاً بعد لقاء ترامب مع رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو المدعوم من اللوبي اليهودي الأمريكي وما تبعها من تصريحات مثيرة للجدل حول تهجير سكان غزة الى دول الجوار مع تولي واشنطن ادارة القطاع وهو الأمر الذي قوبل بالرفض حتى من اقرب حلفاء واشنطن وتل ابيب، والملك في زيارته الأمريكية هذه يدرك جيداً بأن مهمته لن تكون سهلة بالنظر لحملها ملفات تحمل في طياتها الثوابت الوطنية الاردنية والتأكيد على الحقوق الفلسطينية التي قامت عليها عملية السلام برعاية أمريكية.

الملك سينقل في زيارته ثوابت الاردن المتمثلة برفض تهجير الفلسطينيين من غزة لأدراكه جيداً ان نجاح ذلك سيكون مقدمة لتهجير اسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية إليه وبالتالي الوصول لما يسمى بالوطن البديل المرفوض أردنياً على كافة المستويات، وسيؤكد الملك ايضاً أن إعطاء الفلسطينيين حقهم المشروع دولياً بدولتهم المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس سيكون المفتاح الحقيقي للسلام في المنطقة والعالم ككل، ورسالة الملك هنا ببساطة أن ما تحمله تصريحات ترامب من أفكار مصيرها الفشل في مهدها وليس مصير «صفقة القرن» التي طرحها ترامب في ولايته الاولى وفشلها عن ذلك ببعيد، وبالتالي فأي طروحات تجافي رؤية الأردن لحل الصراع لن تساهم بترحيل معضلاته فحسب بل ستعمل على تأجيجه وهو ما يراه الجميع حالياً.

الملك استبق اللقاء بالتواصل المهم مع الرئيسين المصري والفلسطيني وهما المعنيان مباشرة مع الأردن بتصريحات ترامب، وهنا تبرز أهمية التضامن في هذه اللحظة كبداية لبناء المشروع العربي الاستراتيجي المتكامل في المنطقة الذي يحفظ الحقوق الفلسطينية والعربية، فقد كان التحذير من أن انحسار المشروع الايراني سيقابله بلا شك تمدد في المشروع الاسرائيلي الحامل لأفكاره تماماً وذلك في ضوء عدم وجود مشروع عربي موحد، وعزز ايضاً الملك التنسيق مع القوى الاقليمية والدولية المؤثرة فكان تواصل جلالته مع زعماء المانيا وتركيا وبريطانيا والدول ذات الرؤية المشتركة حول الموضوع.

الملك في زيارته وهو يؤكد ثوابت الوطن سيكون بحفظ الله تعالى ومحصناً بثقة شعبه وأمته وبالحكمة التي عرف بها على مدى ربع قرن من توليه المسؤولية، والادارة الامريكية الجديدة مثلها مثل غيرها من السياسات لها مفاتيحها الاستراتيجية التي تناسبها «فلكل ذيب طراده» كما يقول المثل الشعبي الأردني، ولا يخفى أن افكار ترامب المفاجأة حول القضية الفلسطينية تحمل في طياتها تقويضاً مباشراً لمصالح بلاده الاقتصادية وهي العنوان العريض الذي طرحه ترامب نفسه في حملته الانتخابية، فأميركا الترامبية ليس في وارد الاعتراك السياسي والعسكري المباشر في العالم ويهمها الهدوء الذي يناسب طموحاتها الاقتصادية في ضوء معاركها المنتظرة بل والتي بدأت بالفعل مع الصين ودول امريكا اللاتينية و»حلفاءها الأوروبيين»، وترامب هنا اشار صراحة بأن بلاده لن تكون مسؤولة عن اعمار غزة فهل سيقايض بالتالي طموحات نتنياهو وزمرته المتطرفة في التهجير واختلاق المشاكل مع حلفاء واشنطن العرب بمصالح اميركا العظمى التي وعد بها ناخبيه.


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية