البراري يكتب: وهم التفكير خارج الصندوق

{title}
أخبار الأردن -

  حسن البراري

تم اعتقال السادات بعد اغتيال أمين عثمان، وزير المالية في حكومة النحاس باشا، بسبب العلاقة الوطيدة للوزير بالحكومة البريطانية دون أن يوجه له اتهام رسمي، وتم إيداعه في الزنزانة رقم 54 في سجن "قرة ميدان" لمدة عامين ونصف، بينهم عام ونصف في الحبس الانفرادي داخل هذه الزنزانة التي غيرت حياته، بل وُلد منها "سادات" جديد، أبرز ملامحه كما سطر في مذكراته "البحث عن الذات".

في "البحث عن الذات"، يكثر الرئيس السادات الحديث عن تجربته في الزنزانة رقم 54 أثناء سجنه، ويقول إنه تعلم فيها "التفكير خارج الصندوق". ويكتشف السجين "العبقري" أن سبب تعطل الحل مع الصهاينة هو العامل النفسي وكأنهم لم يجروا عملية تطهير عرقي نكبوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى. خلاصة الأمر، أن الرئيس السادات تعلم من تجربة السادات السجين وقرر كسر الحاجز النفسي وقام بزيارة إسرائيل ومد يده للسلام أو الاستسلام، فالتقط ذلك عتاة اليمين بقيادة مناحيم بيغن.

لكن الواقع يشير إلى أن هذا الحديث عن "التكفير خارج الصندوق" يبدو أقرب إلى مبرر للاستسلام والكسل. فالسادات كان يحاول أن يُظهر كيف أن العزلة والصمت يمكن أن يكونا مصدرًا للإلهام، لكنه في الحقيقة كان يغلف الهزيمة بروح فلسفية تفضي إلى تفهم الاستسلام للظروف وكأنه أقصى درجات الحكمة!

أسوق هذه القصة بعد أن استمعت إلى أحدهم - لا أستطيع ذكر اسمه، بركات قانون الجرائم الإلكترونية - يتحدث عن التهجير وكأنه قدرًا محتوما وأن التكيف مع ذلك والتفكير خارج الصندوق سيكونان مخرجًا مناسبا بكلفة اقل من البقاء "داخل الصندوق" ومقاومة الفكرة بكل الوسائل المتاحة.

بؤس التفكير "خارج الصندوق: يتجلى بأبشع صوره عندما يتحول إلى مبرر للتسليم بالواقع بدلاً من تغييره، فيصبح بقدرة قادر مهربا من مواجهة التحديات.

 


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية