الأردن والضغوط الخارجية: سياسة متوازنة واستراتيجيات بديلة

{title}
أخبار الأردن -

   هاني الهزايمة

تُثار بين الحين والآخر تساؤلات حول قدرة الأردن على مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية التي قد تمارسها بعض القوى الدولية، لا سيما واشنطن وتل أبيب. يتحدث البعض عن أدوات ضغط مثل المساعدات المالية، الرسوم الجمركية على الصادرات الأردنية، تقنين تدفق الموارد، ومحاولات التأثير عبر المؤسسات المالية الدولية. ومع ذلك، فإن قراءة المشهد الأردني بواقعية تُظهر أن الأردن ليس دولة ضعيفة تستجيب لهذه الضغوط بلا خيارات، بل يمتلك استراتيجية واضحة قائمة على تنويع الشراكات وتعزيز الاكتفاء الذاتي.

على الرغم من أن المساعدات الأمريكية تمثل جزءًا من الدخل القومي، فإن الأردن لم يضع كل أوراقه في سلة واحدة. فمؤخرًا، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص استثمارات ومساعدات بقيمة 3 مليارات يورو لدعم الاقتصاد الأردني، وهو ما يعكس مكانة الأردن كشريك استراتيجي في المنطقة. كما يعمل الأردن على توطيد علاقاته مع دول الخليج، التي توفر دعمًا ماليًا واستثماريًا في مشاريع البنية التحتية والطاقة.

إضافة إلى ذلك، يشهد الاقتصاد الأردني تحولًا نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة لتقليل استيراد الطاقة، وهو ما يعزز الاستقلال الاقتصادي ويخفف من أي ضغوط خارجية مرتبطة بتدفق الموارد. كما أن الأردن يعزز شراكاته التجارية مع الصين والدول الآسيوية، ما يقلل من التأثير المباشر لأي قرارات أمريكية متعلقة بالرسوم الجمركية.

تعتمد بعض الطروحات على فرضية أن فرض رسوم على الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة، التي بلغت نحو 2 مليار دينار في 2024، سيكون ضربة قوية للاقتصاد الأردني. لكن في الواقع، فإن الأردن ينتهج سياسة تنويع الأسواق التجارية، حيث وسّع صادراته إلى الأسواق الخليجية والأوروبية والآسيوية، مما يقلل من الاعتماد الكلي على السوق الأمريكي. كما أن اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعها الأردن مع العديد من الدول تفتح آفاقًا واسعة أمام الشركات الأردنية.

عبر تاريخه، حافظ الأردن على قراره السيادي، ولم يكن تابعًا لإملاءات أي طرف، رغم الضغوط التي تعرض لها في مراحل مختلفة. السياسة الأردنية المتوازنة، التي يقودها الملك عبدالله الثاني، تقوم على عدم الخضوع للضغوط الدولية، بل التعامل معها بمرونة ودبلوماسية تحمي المصالح الوطنية.

فحتى في ظل الحديث عن ضغوط اقتصادية عبر المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، فإن الأردن لا يقبل حلولًا تُملى عليه، بل يفاوض للحصول على أفضل الشروط الممكنة، كما فعل سابقًا في برامج الإصلاح الاقتصادي.

أما فيما يخص تدفق الغاز والمياه عبر الاحتلال الإسرائيلي، فهذه قضايا يديرها الأردن وفق مصالحه الوطنية، وليس تحت ضغط أي جهة. ومع توجه الأردن نحو تحلية مياه البحر الأحمر والاستثمار في الطاقة المتجددة، فإن قدرته على تقليل الاعتماد على الخارج تتزايد يومًا بعد يوم.

ليس من الحكمة اختزال المشهد الأردني في كونه خاضعًا لضغوط خارجية دون خيارات. الواقع أن الأردن يمتلك بدائل اقتصادية واستراتيجيات دبلوماسية متوازنة تجعله قادرًا على التعامل مع أي محاولات للضغط. فسياسة تنويع الشراكات، والتوسع في الأسواق، والاستثمار في الطاقة والموارد المحلية، تجعل الأردن أكثر استقلالية وقدرة على مواجهة التحديات، بعيدًا عن أي إملاءات خارجية.

 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية