عبدالهادي تكتب: تهجير الغزيين.. فقدان سمع مقصود

{title}
أخبار الأردن -

   نيفين عبدالهادي

يبدو واضحا أن بعض الكلمات لها ثِقل حدّ عدم الانصات على مسامع إسرائيل ومن يقف معها، وتحديدا كلمة «لا» في إصرار على تكرار ذات العبارات والخطط والسياسات الاحتلالية دون الاستماع لرأي أصحابها، فقد جاهر الغزيون والأردن ومصر بأن «لا للتهجير»، ومع هذا تصر إسرائيل ومناصروها على وضعه أولوية في المرحلة، وجعله الحل لكل ما خلفته مجازرها وإبادتها في قطاع غزة.

«لا للتهجير» يرافق سياسات إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية «بالتهجير»، وفي ذلك حقائق عملية، تبدأ من الأهل في غزة، الذي صمدوا على تراب وطنهم لأكثر من (15) شهرا من المجازر والإبادة، والمجاعة والعطش، والحرق أحياء، وغيرها من أبشع جرائم الحرب، قابلوها بمزيد من الصمود والثبات، بكل عِزة، عادوا لشمال بلادهم حفاة عُراة، سيرا على الأقدام، وهم يعلمون أنهم عائدون لأكوام تراب ولمكان يسيطر عليه «كان هنا» مسجد، كنيسة، مدرسة، منازل، مستشفيات، مكتبة، عائدون لمكان «كانت هنا حياة.. كانت هنا غزة»، لكنهم عادوا يفترشون الأرض تغطيهم سماء غزة العِزة، متشبثين بتراب وطنهم، أيّا كان حاله وحالهم، موجهين بذلك أعظم رسالة بتاريخ البشرية للعالم، عن صمودهم وتشبثهم بوطنهم وبترابه، متشبثين بغزة.
ورغم هذه الرسائل الغزّية الاستثنائية، ما تزال إسرائيل ومن يحالفها يصرون على التهجير، بلغة خشبية، وإصرار مستهجن، بعدما قال الغزيون كلمتهم، قولا وفعلا، فهم لن يكتبوا في سجل الفلسطيني مزيدا من الهجرات، على الرغم من أن الاحتلال سجل ما هو أكبر وأبشع من النزوح واللجوء الفلسطيني وما هو أبشع من النكبة والنكسة في هذه الحرب، بل في هذه الجرائم، ويصرّ لإكمال مخططاته بما يهوى ويريد، دون رؤية رسائل غزة، ولا مواقف من قرروا تهجير الغزيين لأراضيهم .

هذا فيما يخص غزة، الصامدة، في حين أعلن الأردن وهو من تقرر له أن يستقبل المهّجرين من غزة، كخطوة أولى، لا يعرف احد ماذا يليها، أعلنها بصوت مرتفع وعلى كافة المحافل الدولية أن «لا للتهجير» بل وسعى جاهدا لتمكين الأهل في غزة للصمود والثبات على أراضيهم، بجهود وصفها الغزيون بأنها الأكثر أهمية وفائدة، وعملية، جهود حقيقية استفاد ويستفد منها مئات الآلاف منهم، صحيا وإنسانيا وإغاثيا ونفسيا وغذائيا، علاوة على الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلها الأردن لوقف الحرب على غزة.

بالأمس، في القاهرة، جدد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي التأكيد على أن الأردن يرفض التهجير، في محادثات أجراها مع نظيره المصري الدكتور بدر عبد العاطي، وكذلك خلال مشاركته باجتماع شارك به ضم وزراء خارجية الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر وجمهورية مصر العربية وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين عام جامعة الدول العربية، وكذلك خلال لقائه مع وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مكمّلا بذلك الصوت الأردني والذي بطبيعة الحال يرافقه الصوت الأردني برفض التهجير، بشكل حاسم وقولا واحدا .

التهجير والذي جاء بإسقاط غريب ومستهجن على الأردن ومصر، له تبعات سلبية على القضية الفلسطينية فهو المسمار الأخير الذي سيدق في نعشها، هو خطوة لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وإبعاد عن حل لها عن فلسطين، وهذا ما حذّر منه الأردن، فحل القضية الفلسطينية يجب أن يكون في فلسطين، علاوة أنه مس أمنهما القومي، وكذلك مخالف للقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهما يجرّمان التهجير القسري للشعوب، ما يحدث مرفوض ولن يمر أردنيا ولا مصريا.

أمام حالة فقدان السمع المقصود الذي يصر عليها طالبو التهجير ودعاته، على العالم أن يأخذ موقفا واضحا ويستمع لصوت الحكمة والعقل من جلالة الملك عبد الله الثاني لحل القضية الفلسطينية، ومنع التهجير الذي سيزيد من تأزيم المرحلة والمنطقة والعالم، ناهيك عن آثاره السلبية على الأردن ومصر.


 

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية