خسائر بـ1.2 تريليون دولار.. تطبيق صيني يطيح بالتكنولوجيا الأميركية

شهدت أسواق التكنولوجيا الأميركية يومًا عصيبًا بعد أن أطاحت شركة “ديبسيك” (DeepSeek) الصينية للذكاء الاصطناعي بالمفاهيم الراسخة في وادي السيليكون. فقد تسبب التطبيق الذي طوّرته الشركة بتكلفة 5.6 ملايين دولار فقط في انهيار أسهم التكنولوجيا في بورصة وول ستريت، حيث خسرت السوق أكثر من 1.2 تريليون دولار في جلسة واحدة.
خسائر تاريخية لشركات التكنولوجيا
انخفضت أسهم شركة “إنفيديا” بنحو 17%، وهو ما أدى إلى فقدانها 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد لتستقر عند 2.9 تريليون دولار، مما يمثل أكبر خسارة يومية لشركة في تاريخ وول ستريت. تراجعت الشركة إلى المركز الثالث بين أكبر الشركات العالمية من حيث القيمة السوقية.
لم تكن “إنفيديا” الشركة الوحيدة المتضررة، فقد انخفضت أسهم شركات الرقائق الإلكترونية “برودكوم” و“ميكرون تكنولوجي” بأكثر من 10%، فيما هبط قطاع التكنولوجيا بمؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 5.6%، وهو أسوأ تراجع يومي منذ أكثر من أربع سنوات.
تهديد جديد من الصين
أثار تطبيق “ديبسيك” منخفض التكلفة مخاوف واسعة بشأن هيمنة الولايات المتحدة على قطاع الذكاء الاصطناعي. يتميز التطبيق بقدرته على توضيح منطقه قبل الرد على الأوامر، مما يجعله أكثر تطورًا من روبوتات المحادثة الأخرى مثل “تشات جي بي تي” الذي تطوره شركة “أوبن إيه آي”.
تقول الشركة الصينية إن إصدار “R1” من التطبيق يقدم أداءً يضاهي أحدث إصدارات “أوبن إيه آي”. وقد تم تحميل التطبيق 1.6 مليون مرة بحلول 25 يناير الجاري وتصدر متاجر التطبيقات في عدة دول منها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأستراليا.
مخاوف أميركية وتصريحات ترامب
وصف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تطبيق “ديبسيك” بأنه “جرس إنذار”، داعيًا إلى تعزيز الاستثمارات الأميركية في قطاع الذكاء الاصطناعي. وانتقد ترامب المليارات من الدولارات التي قدمتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن لدعم صناعة الرقائق، مشيرًا إلى ضرورة فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من الرقائق المصنوعة في الخارج.
كما أكد البيت الأبيض وشركات التكنولوجيا الأميركية أن دخول “ديبسيك” إلى سوق الذكاء الاصطناعي يثبت قدرة الصين على منافسة الولايات المتحدة في هذا المجال، رغم القيود التي فرضتها واشنطن على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين.
تأثيرات واسعة على قطاع التكنولوجيا
أشارت وكالة “بلومبيرغ” إلى أن نجاح “ديبسيك” يعكس قدرة المهندسين الصينيين على تجاوز القيود الأميركية عبر تحسين كفاءة الموارد المتاحة. كما يُتوقع أن يُحدث هذا التطور تحولًا في سلسلة التوريد العالمية ويشكك في فعالية القيود الأميركية.
من جانبه، قال ديفيد ساكس، المسؤول السابق عن الذكاء الاصطناعي في إدارة ترامب، إن التطبيق الصيني يُظهر أن سباق الذكاء الاصطناعي سيكون تنافسيًا للغاية.
إنفاق ضخم للشركات الأميركية
تواجه شركات التكنولوجيا الأميركية تحديات جديدة بعد أن أنفقت مئات المليارات من الدولارات على تطوير الذكاء الاصطناعي. وكانت شركة “ميتا” قد أعلنت عن خطط لاستثمار ما بين 60 و65 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي وبناء مراكز بيانات ضخمة.
كما تقود شركات مثل “سوفت بنك” و“أوراكل” و“أوبن إيه آي” مشروع “ستار جيت” الذي يسعى إلى استثمار 500 مليار دولار لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي.
رؤية مستقبلية مختلفة
على الرغم من أن شركة “ديبسيك” لم تكشف كل تفاصيل أعمالها، إلا أن تكلفة تدريب نماذجها تُعد ضئيلة مقارنةً بالشركات الأميركية الكبرى. وأكد مؤسس الشركة ليانغ ونفنغ أن التحدي الأكبر يكمن في القيود الأميركية على الوصول إلى الرقائق الأفضل أداءً.
يبدو أن “ديبسيك” قد فتحت الباب أمام رؤية جديدة لتطوير الذكاء الاصطناعي تعتمد على الكفاءة بدلًا من الإنفاق الضخم، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا لهيمنة وادي السيليكون.