هذا ما تخبرنا به طائرات الحوثيين في ماعين والعقبة

قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن جماعة الحوثي تواصل استهداف العمق الإسرائيلي عبر هجمات صاروخية باليستية وضربات مسيّرة عابرة للحدود، ضمن مسعى استراتيجي لتثبيت حضورها في مشهد الاشتباك الإقليمي، وإعادة ترتيب التوازنات الميدانية من بوابة اليمن.
وأوضح الروسان في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن هذه الضربات التي باتت تطال منشآت بنية تحتية إسرائيلية حساسة، وتتقاطع في أهدافها مع استهدافات متكررة للبوارج الأميركية في البحر الأحمر، تعبّر عن تحوّل في قواعد الاشتباك، وربما في نطاق مسرح العمليات نفسه.
وبيّن الروسان أن هذه التطورات كشفت عن فجوة في جهوزية إسرائيل للتعامل مع التهديد اليمني، وهو ما دفعها للاستنجاد بواشنطن، التي باشرت منذ أسابيع بشنّ ضربات عنيفة ومباشرة على مواقع الحوثيين، إلا أن هذا التفاعل الأميركي المتصاعد، رغم وجود إدارة ترامب في سدة البيت الأبيض، لم ينجح حتى الآن في تحقيق الردع المطلوب، ذلك أن الحوثيين ما زالوا يُواصلون هجماتهم بوتيرة مرنة، ويعتمدون على تكتيك الإنهاك المتدرّج كأداة ضغط استراتيجية.
وأشار إلى أن المجال الجوي الأردني يتعرض لاختراقات متكررة وغير مباشرة، ناتجة عن مرور أو تفكك بعض المسيّرات الحوثية أو اعتراضها فوق المناطق الحدودية، ما يؤدي إلى سقوطها الكامل أو الجزئي داخل الأراضي الأردنية، بفعل خطأ تقني وفشل في التوجيه، أو تطاير الشظايا الناتجة عن تفجيرها في الجو، مضيفًا أن هذه الاختراقات لا تحمل طابعًا عدائيًا مباشرًا تجاه الأردن، إلا أنها تُشكل تهديدًا محتملًا لأمن السكان والمنشآت الحيوية.
وذكر الروسان أن حادثة سقوط مسيّرة في منطقة ماعين بمحافظة مأدبا، والتي تُعد وجهة سياحية تطل على الأراضي المحتلة قرب البحر الميت، لم تُخلّف أضرارًا بشرية أو مادية، وفق ما أكدته الجهات الأمنية المختصة، والتي باشرت على الفور التحقيق في ملابسات الحادثة، بالنظر إليها كتهديد أمني يستوجب أعلى درجات الجاهزية.
وليس هذا الحادث معزولًا عن سياق أوسع؛ فقد شهدت مناطق أخرى في الأردن، من بينها مدينة العقبة، سقوط مسيّرات في حوادث مشابهة، يُعتقد أن معظمها انطلق من الأراضي اليمنية، وتُثير هذه الحوادث مخاوف متزايدة من تكرارها، خاصة في ظل احتمالية احتواء هذه الأجسام على متفجرات أو مواد حارقة، وهو ما يُضاعف من الحاجة إلى تحصين الجبهة الداخلية ورفع مستوى التنسيق الأمني مع الدول المجاورة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
ونوّه الروسان إلى أن هذه الوقائع تُظهر أن الأردن يدفع جزءًا من ثمن موقفه السياسي الصلب والمبدئي في دعم القضية الفلسطينية ورفض مشاريع التهجير والعدوان على غزة، فتمسّك الأردن بثوابته القومية، وحرصه على التخفيف من معاناة الأشقاء الفلسطينيين، جعله حاضرًا بقوة في المشهد السياسي، ما يجعله – ولو بشكل غير مباشر – عرضة لتداعيات ارتدادية ناتجة عن الصراعات الإقليمية المتصاعدة.
ونبّه من المنطقة مرشّحة لمزيد من الاختراقات غير المقصودة، خاصة على سواحل البحر الأحمر ومجاله الجوي، ما يستدعي تدخّلًا دوليًا عاجلًا لوقف الحرب، باعتبارها المحرّك الأساسي لهذه التوترات والانفلاتات الأمنية المتناثرة.
واستطرد الروسان قائلًا إن الولايات المتحدة تبرّر عدم نجاحها في ردع الحوثيين بوجود ما تصفه بـ"صعوبات ميدانية" ترتبط بجغرافية الصراع في اليمن – من جبال وصحارى ومناطق خالية – تعيق تدمير البنية الصاروخية بشكل كامل، إلا أن استمرار هذه الاستراتيجية قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد، يتطلب ضغطًا متعدد الأوجه على إيران لدفعها إلى كبح جماح وكلائها في المنطقة.
وتابع الروسان أن الموقف الأردني، كان ولا يزال واضحًا، فلن تكون المملكة ساحة لتصفية الحسابات أو ممرًا لانتهاك السيادة من أي طرف، فحماية الأردن والأردنيين تبقى أولوية سيادية لا تقبل المساومة، والجيش الأردني بمختلف تشكيلاته على أهبة الاستعداد للتصدي لأي تهديد، مهما كانت طبيعته.
وشدد الروسان على أهمية التزام المواطنين بأقصى درجات الوعي والمسؤولية، وتجنّب تداول الشائعات، والاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومات، مع ضرورة عدم الاقتراب من الأجسام الغريبة أو التعامل معها، والإبلاغ عنها فورًا للجهات المختصة، حفاظًا على السلامة العامة، وتفاديًا لأي خسائر بشرية أو مادية قد تنجم عن التعامل غير الآمن معها.