اتساع رقعة احتجاجات العسكريين الإسرائيليين.. انقسامات تهدد الجبهة الداخلية

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تصاعدًا في الاحتجاجات من داخل المؤسستين العسكرية والأمنية، مع اتساع رقعة الرافضين لمواصلة الحرب على قطاع غزة، التي دخلت شهرها السابع، وسط اتهامات متزايدة لنتنياهو بتوظيفها سياسيًا لإطالة أمد بقائه في الحكم.
وفي تطور لافت، صادق رئيس الأركان إيال زامير الأسبوع الماضي على فصل عدد من القادة العسكريين ونحو ألف جندي احتياط بعد توقيعهم عريضة تدعو لوقف الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى، مما يعكس حجم التململ داخل المؤسسة العسكرية.
وتأتي هذه التطورات في ظل تقديرات إسرائيلية بوجود 59 أسيرًا لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، بينهم 24 على قيد الحياة، مقابل أكثر من 9500 أسير فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية، يعاني كثير منهم من أوضاع صحية وإنسانية متدهورة.
أزمة رفض غير مسبوقة
منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جندت إسرائيل نحو 360 ألفًا من جنود الاحتياط، لكن تقارير إسرائيلية تؤكد أن أكثر من 100 ألف من هؤلاء توقفوا عن أداء خدمتهم الاحتياطية، وهو ما وصفته وسائل إعلام عبرية بـ"أكبر أزمة رفض" تشهدها إسرائيل منذ عقود.
ووفق ما نشرته مجلة "972"، فإن غالبية الرافضين ليسوا مدفوعين باعتبارات أيديولوجية، بل بدوافع إنسانية وأخلاقية، أو نتيجة للإرهاق والإحباط من استمرار الحرب دون أفق سياسي أو استراتيجي واضح.
تضامن عابر للوحدات
الاحتجاجات شملت قطاعات واسعة من قوات الاحتياط والمتقاعدين في وحدات النخبة العسكرية والاستخباراتية، من بينها لواء المظليين والمشاة، ووحدات "أمان" و"8200"، وسلاحا الجو والبحرية. كما وقع أكثر من ألفي أكاديمي وطبيب عسكري على رسائل تطالب بوقف الحرب مقابل استعادة الأسرى.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن توقيع أكثر من 1600 جندي سابق في وحدات النخبة على رسالة تطالب بإنهاء الحرب فورًا. كما انضم 170 خريجًا من برنامج "تلبيوت" الاستخباراتي و100 طبيب عسكري إلى الاحتجاجات، بالإضافة إلى عشرات الضباط السابقين.
تأثير مباشر على الميدان
رئيس الأركان إيال زامير حذر الحكومة من أن النقص في عدد الجنود يحد من القدرة على تنفيذ الخطط العسكرية، مؤكدًا أن العمل العسكري وحده غير كاف لتحقيق أهداف الحرب، دون وجود مسار دبلوماسي موازٍ.
وتعكس تصريحاته فجوة متزايدة بين التطلعات السياسية لنتنياهو والقدرات العملياتية للجيش، الذي يجد نفسه اليوم منهمكًا في معالجة انقسامات داخلية بدلًا من التركيز على "التهديدات الخارجية"، وفق المحلل العسكري يوسي يهوشع.
وفي سياق متصل، أشار تقرير لصحيفة "هآرتس" إلى أن بعض الوحدات العسكرية لجأت إلى منصات التواصل الاجتماعي في محاولة لتعويض نقص المجندين، نتيجة تراجع الاستجابة لطلبات الخدمة.
اختلال في "الإجماع الوطني"
رغم أن إسرائيل اعتادت على تماسك جبهتها الداخلية خلال فترات الحرب، فإن احتجاجات هذه المرة كسرت ما يوصف بـ"الإجماع الوطني"، وسط مخاوف من أن تؤدي إلى شروخ طويلة الأمد في العلاقة بين المؤسسة العسكرية والقيادة السياسية.
وتحذر مراكز أبحاث إسرائيلية من التداعيات المحتملة لقرارات نتنياهو على شكل الدولة ومؤسساتها، معتبرة أن إقحام الجيش في أجندات سياسية، ومحاولة تحييده لصالح تيارات اليمين المتطرف، يهددان بترسيخ أزمة حكم عميقة.
وفي الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو لشيطنة هذه التحركات بوصفها "رفضًا للخدمة العسكرية"، يصر المحتجون على أنها "صرخة ضمير" ضد حرب باتت –وفق وصفهم– تخدم أهدافًا سياسية وشخصية، لا أمنية أو قومية.