الحوراني يكتب: الاقتصاد المستدام هو اقتصاد قائم على المعرفة

{title}
أخبار الأردن -

  حسام الحوراني

في عالم يتسارع فيه الإبداع والابتكار، أصبح بناء اقتصاد قائم على المعرفة حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة. في الأردن، تكمن الفرصة الحقيقية في استثمار الثروة البشرية والعقول المبدعة لتكون المحرك الأساسي لاقتصاد المستقبل. اقتصاد قائم على المعرفة لا يعني فقط استيعاب التكنولوجيا الحديثة، بل يعني تحويل الإبداع والابتكار إلى أدوات فاعلة في تحقيق النمو الاقتصادي، وتحقيق التوازن بين الاستدامة والتقدم.

اقتصاد المعرفة يعني اقتصاداً يعتمد على الابتكار والبحث والتطوير، ويحتضن التقنيات الحديثة كمحركات أساسية للإنتاج. الأردن يمتلك جميع المقومات لتحقيق هذا التحول. عقول شابة موهوبة، جامعات ومراكز أبحاث متميزة، وقطاع تكنولوجي في نمو مستمر. السؤال الأهم: كيف يمكن أن تتحول هذه المقومات إلى ركيزة حقيقية لاقتصاد مستدام؟ الجواب يكمن في بناء نظام متكامل يدعم الإبداع ويشجع الاستثمار في المعرفة.

التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة يبدأ من التعليم. يجب أن يصبح التعليم في الأردن منصة للابتكار، حيث تُغرس قيم التفكير النقدي والإبداع في عقول الشباب منذ الصغر. التحول الرقمي في التعليم ليس ترفاً، بل ضرورة لإعداد أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. لا يمكن تحقيق اقتصاد معرفي دون أن تكون لدينا قاعدة قوية من الشباب القادرين على استخدام التكنولوجيا وتطويرها، وتحويل الأفكار إلى مشاريع واقعية تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. التعليم ليس مجرد شهادة تُعلّق على الحائط، بل هو المعرفة التي تُنير الطريق.

لكن التعليم وحده ليس كافياً. يجب أن تتبنى الحكومة والقطاع الخاص رؤية مشتركة لدعم ريادة الأعمال والابتكار. ريادة الأعمال ليست فقط أداة لتحقيق الاستقلال المالي للشباب، بل هي أيضاً وسيلة لتحويل الأفكار إلى شركات مبتكرة تساهم في خلق فرص عمل وتعزز الإنتاجية. تخيل أن يصبح الأردن مركزاً إقليمياً للشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعليم الرقمي. هذا الحلم يمكن تحقيقه إذا تم توفير بيئة داعمة تشمل التمويل، الإرشاد، والبنية التحتية التقنية.

الاستدامة هي جزء لا يتجزأ من اقتصاد المعرفة. التكنولوجيا والابتكار يمكن أن يكونا أدوات لحل التحديات البيئية التي تواجهنا، من تحسين كفاءة استخدام المياه والطاقة إلى تطوير تقنيات زراعية مستدامة. الشركات الأردنية يمكنها أن تصبح رائدة في تقديم حلول مبتكرة لمشكلات العالم في مجالات مثل التغير المناخي والأمن الغذائي، وغيرها الكثير ، مما يعزز مكانة الأردن على الساحة الدولية.

لتحقيق هذا التحول، يجب أن يكون هناك تعاون فعّال بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. يجب وضع سياسات تدعم الابتكار وتُحفّز الاستثمار في البحث والتطوير. كما يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لتحويل الاقتصاد من الاعتماد على المساعدات والاستيراد إلى اقتصاد منتج وقائم على المعرفة.

اقتصاد أردني مستدام يعني اقتصاداً لا يعتمد على الحظ أو الموارد المادية، بل على العقول المبدعة والطموحات الكبيرة. إنه اقتصاد لا يكتفي بمواكبة التغيير، بل يقوده. الأردن لديه الفرصة ليكون نموذجاً عالمياً في كيفية تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق التقدم من خلال الاستثمار في المعرفة. المستقبل لا ينتظر من يتردد، بل يُكافئ من يجرؤ على الإبداع. الأردن يمكنه أن يثبت للعالم أن الاقتصادات القائمة على المعرفة ليست مجرد فكرة، بل حقيقة يمكن تحقيقها بالجمع بين النوايا وإرادة والعزيمة. والله ولي التوفيق.


 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير