الرداد لـ"أخبار الأردن": الوعي الجمعي والتجربة التاريخية ستحول أمام محاولات التهجير

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير الأمني والاستراتيجيّ الدكتور عمر الرداد إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تكن مفاجئة بحد ذاتها، ولكن ربما أراد من خلال الإشارة إلى "التهجير" تسليط الضوء على مصر بالدرجة الأولى، فمن المعروف أن قضايا قطاع غزة، سواء من حيث الدعم اللوجستي أو الوقوف إلى جانب أهالي القطاع، ترتبط جغرافيًا وسياسيًا بالإدارة المصرية.

ومع ذلك، لا يبدو أن ترامب كان واعيًا تمامًا بما يعنيه بشأن تهجير بعض أهالي قطاع غزة إلى الأردن، وربما كان يقصد بشكل غير مباشر الإشارة إلى الضفة الغربية، نظرًا للعلاقة التاريخية التي تربطها بالدولة الأردنية، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.

ونوّه الرداد إلى أن فكرة "التهجير" ليست جديدة؛ فهي نهج يميني متطرف متجذر في المجتمع الإسرائيلي، حيث ازدادت هذه الأطروحات انتشارًا بشكل ملحوظ عقب السابع من أكتوبر، مع تفاقم الأحداث التي بدأت بطوفان الأقصى، إذ يبدو أن الهدف الأساسي هو تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش، وهو المخطط ذاته الذي يتم تطبيقه تدريجيًا على الضفة الغربية، حيث تشهد مناطق شمال الضفة، مثل جنين وطولكرم، تدميرًا ممنهجًا يسعى إلى جعلها غير صالحة للسكن أيضًا.

وأشار إلى أن الحواجز الإسرائيلية التي تجاوزت اليوم عدد 900 حاجز في الضفة الغربية، تجعل الحياة اليومية للسكان الفلسطينيين أكثر صعوبة، وكل هذا يحدث في ظل انتهاكات إسرائيلية مستمرة لاتفاقات أوسلو، حيث أصبحت إسرائيل تتدخل في جميع المناطق A، B، C دون أي اعتبار للسلطة الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني، سواء في غزة أو الضفة الغربية.

واستطرد الرداد قائلًا إن التصريحات الأمريكية التي جاءت بالتزامن مع مواقف الإدارة الإسرائيلية ليست عشوائية، فقد تزامنت أيضًا مع إعلان الإدارة الأمريكية عن وقف المساعدات للعديد من الدول، بما في ذلك الأردن، كما أُعلن عن تزويد إسرائيل بأسلحة نوعية مثل قنابل زنة الرطل، وهي التي كانت إدارة ترامب قد منعت تصديرها لإسرائيل سابقًا بسبب استخدامها ضد المدنيين وارتباطها بجرائم إبادة جماعية، ما تسبب بإحراج للولايات المتحدة.

على صعيد آخر، يجدر التذكير بأن الشعب الفلسطيني، بفضل وعيه الجمعي وتجربته التاريخية منذ النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967، يدرك أن التهجير ليس حلًا، ذلك أن الخروج من الأرض قد يعني انعدام فرص العودة، وهو ما يفسر صمود الفلسطينيين رغم الحروب المتكررة على قطاع غزة، والتي تجاوز عددها ستة منذ عام 2005 وحتى اليوم، إذ إننا نشهد اليوم عودة بعض أهالي غزة من الجنوب إلى الشمال، في تحدٍّ واضح للضغوط الإسرائيلية، ما يعكس إرادة الشعب الفلسطيني في التمسك بأرضه.

بالنسبة للأردن، فقد أثبت موقفه الراسخ والثابت تجاه رفض فكرة التهجير القسري أو "التهجير الطوعي" الذي تروج له إسرائيل، فهو كان قد قدم عبر الجسر الجوي والبري للمساعدات، دعمًا كبيرًا لتعزيز صمود الفلسطينيين في غزة، ورغم ما تعرض له الأردن من محاولات تشكيك في نواياه، إلا أن هذه الجهود أصبحت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير