العواقلة لـ"أخبار الأردن": الموقف الأردني شوكة في خاصرة الأجندات

قال العميد المتقاعد من المخابرات العامة، قاسم العواقلة، إن المواقف الثابتة والحاسمة لجلالة الملك تواجه حملة تشكيك ممنهجة، تتسم بالتضليل والتشويه المتعمد، وهي في جوهرها انعكاس مباشر لقوة هذه المواقف ورسوخها في الدفاع عن المصالح الوطنية الأردنية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن المواقف على درجة عالية من الثبات والتأثير في المشهدين الإقليمي والدولي، وإلا لما استدعت مثل هذه الحملات الشعواء التي تهدف إلى تقزيم الدور الأردني وتشويه صورته أمام الرأي العام العربي والدولي، مضيفًا أن محاولة النيل من هذا الموقف تعكس، في حقيقة الأمر، مدى الإرباك الذي أحدثه في الأوساط السياسية التي تجد نفسها عاجزة عن مجاراة الحنكة الأردنية في التعامل مع القضايا المصيرية.
وأكد العواقلة ما اتسم به خطاب جلالة الملك من وضوحٍ وجرأة، إذ استطاع بحنكة سياسية أن يحافظ على الثوابت الوطنية الأردنية، وأن يخرج من اللقاءات الدبلوماسية الإقليمية والدولية بأسلوب استراتيجي ذكي، تاركًا الكرة في ملعب الدول العربية، في رسالة مباشرة موجهة إلى الأشقاء العرب، مفادها أن الأردن ليس وحده في مواجهة تحديات التهجير والتصفية، وأن المسؤولية مشتركة بين جميع الدول العربية والإسلامية، بما يستدعي موقفًا موحدًا يُحمّل الجميع تبعات أي خطوات تجاه القضية الفلسطينية.
ونوّه العواقلة إلى أن هذا الطرح الأردني المتزن دفع إسرائيل وبعض الأطراف العربية مهما كانت توجهاتها وتياراتها إلى تبني خطاب التشكيك والتضليل، في محاولة للتهرب من استحقاقاتهم السياسية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن هذه الأطراف، التي وجدت نفسها في مأزق سياسي وأخلاقي، لجأت إلى شن حملات تشويه تستهدف الأردن وقيادته، ليس لأنهم يشككون حقًا في مواقف الأردن، وإنما لأنهم يحاولون تصدير أزماتهم الداخلية وتبرير عجزهم أمام شعوبهم.
للأسف، وفي خضم هذه المعمعة الإعلامية، افتقرت التحليلات المحلية، إلى العمق والرؤية الاستراتيجية، وقد اتسمت تلك التحليلات بالسطحية والابتذال، حيث ذهب بعض المحللين إلى توصيف ترمب بصفات لا تعكس سوى قصر نظر سياسي وفهم سطحي لطبيعة المشروع الصهيوني الأمريكي، فمنهم من وصفه بالطفل، ومنهم من نعته بالتاجر البسيط الذي لا يفقه في دهاليز السياسة، وآخرون سخروا منه وكأنهم يختزلون المشهد السياسي العالمي في شخصية فردية، متناسين أن ما يجري هو جزء من مشروع ممنهج يهدف إلى تهويد الأرض الفلسطينية وفرض واقع التهجير القسري، تمهيدًا لترسيخ يهودية الدولة، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وذكر العواقلة أن المعضلة الكبرى تكمن في أن العديد من المحللين العرب يفتقرون إلى القدرة على الربط بين الأحداث المتسلسلة والمتشابكة، فهم يغفلون حقيقة أن المشروع الصهيوني الأمريكي ليس وليد اللحظة، ولا يرتبط بشخصية رئيس أمريكي بعينه، سواء كان ترمب أو بايدن أو أي رئيس آخر، فالمشروع في جوهره يستند إلى أسس استراتيجية راسخة، تتجاوز الأفراد إلى منظومات متكاملة من السياسات والتحالفات التي تهدف إلى فرض واقع جديد في المنطقة.
ولفت الانتباه إلى أن غزة، من منظور المؤسسة الصهيونية، لا تحمل أي بعد سياسي أو عقائدي، فإسرائيل متحكم بها من قبل الدين رغم أنها ليست دولة دينية بحتة ترتبط بالتوراة بقدر ما هي كيان استعماري يسعى لتحقيق أهدافه الأمنية والاستراتيجية، ولهذا السبب، تسعى إسرائيل للتخلص من غزة باعتبارها عبئًا أمنيًا يهدد حدودها الجنوبية.
واستطرد العواقلة قائلًا إن هناك وسائل إعلام عربية تعمدت تحريف الترجمة وتغيير الحقائق لخدمة أجندات معينة، أما فيما يتعلق بحملات التشكيك بمواقف الأردن، فهي نغمة قديمة اعتدنا عليها، والدليل القاطع على صدق مواقفنا هو ما يقدمه الأردن من مساعدات يومية لأهل غزة، بمشاركة مباشرة من جلالة الملك، ومع ذلك، لا تزال هناك أصوات تدّعي الدفاع عن الدين والقومية، تهاجم الأردن وقيادته، متناسية حجم التضحيات التي يقدمها الأردن في سبيل القضية الفلسطينية.