الحوراني يكتب: وتلك الأيام نداولها بين الناس

{title}
أخبار الأردن -

حسام الحوراني

في لحظات التأمل العميق في صفحات التاريخ، نجد أن الأمم تعيش دورات من الصعود والهبوط، وأن عجلة الزمن لا تدور لصالح أحد دائمًا. هكذا هي سنة الحياة، «وتلك الأيام نداولها بين الناس»، ولكن الأمل يظل النور الذي لا يخبو، حتى في أشد اللحظات ظلمة. نحن العرب لسنا استثناءً من هذه القاعدة الكونية، ولكن يبقى السؤال: كيف يمكننا أن نعيد للأمة العربية ألقها ومجدها؟
إن القراءة المتأنية لتاريخنا تكشف أن الإبداع والريادة العلمية كانا في صميم هويتنا. حين كانت بغداد تُضيء العالم بعلمائها، وقرطبة تنشر الفلسفة والفكر، كانت أمتنا قائدة لمسيرة العلم والمعرفة. ولكن اليوم، ونحن نعيش تحديات متعددة، نجد أن الحاجة ماسة لإعادة النظر في موقعنا الحضاري واستعادة هذا الإرث العظيم.
العلم هو السبيل
العلم، بكل تأكيد، هو الجسر الذي يعبر بالأمم من ظلمات التخلف إلى نور التقدم. لا يمكننا الحديث عن نهضة عربية دون استثمار جاد في العلم والتعليم. لكن الحديث عن العلم لا يقتصر على بناء المدارس والجامعات، بل يمتد إلى تأسيس منظومة تعليمية متكاملة، تحفز التفكير النقدي، وتشجع على الابتكار، وتواكب التطورات التكنولوجية السريعة.
علينا أن ندرك أن بناء الأجيال القادرة على قيادة المستقبل يتطلب إرادة حقيقية وعزيمة صلبة. يحتاج الأمر إلى رؤية واضحة تتجاوز الأهداف الآنية لتخطط للمستقبل البعيد. علينا أن نغرس في شبابنا قيم الإصرار والعمل الجاد، وأن نفتح لهم أبواب العلم والمعرفة على مصراعيها. لا بد من توفير بيئة تتيح لهم التعبير عن إبداعهم، وتحفزهم على استكشاف آفاق جديدة في مختلف المجالات.
الأمل والعمل: جناحا النهضة
لا يمكن الحديث عن مستقبل أفضل دون الأمل. الأمل هو الوقود الذي يدفعنا للعمل والإبداع رغم الصعوبات. علينا أن نزرع في نفوس أجيالنا الثقة بأن التحديات ليست سوى فرص تنتظر من يستثمرها. لنكن واضحين: لا توجد نهضة بدون تعب ولا تقدم بدون عرق وجهد. ما نحتاجه هو النية والإرادة والعزيمة لصنع التغيير.
العالم يتغير بسرعة مذهلة، ومعه تتغير فرص التميز والريادة. لقد رأينا دولًا كانت بالكاد تذكر في صفحات التاريخ تتحول إلى قوى عالمية بفضل استثمارها في الإنسان والتعليم. هذه التجارب ليست حكرًا على أحد، وهي دليل على أن النهوض ممكن إذا توافرت الإرادة والرؤية الصحيحة.
عقد النوايا نحو المستقبل
إن تحقيق النهضة يتطلب أن نعقد النية جميعًا على بناء مستقبل مشرق. على الحكومات أن تتحمل مسؤوليتها في وضع السياسات التي تعزز الابتكار والتعليم، وعلى المؤسسات الخاصة أن تدعم المبادرات التي تساهم في تطوير المجتمع. أما الأفراد، فعليهم أن يؤمنوا بأن التغيير يبدأ من ذواتهم، ومن قراراتهم اليومية الصغيرة.
لنبدأ من الآن، ولنؤمن أن دورة الحياة تعمل لصالح من يستثمر في نفسه ومجتمعه. إذا اجتمعت الإرادة والعزيمة مع العلم والمعرفة، فلا حدود لما يمكننا تحقيقه. وتذكروا دائمًا، «وتلك الأيام نداولها بين الناس». اليوم قد لا يكون في صالحنا، ولكن الغد نصنعه نحن، بأيدينا وإيماننا بالمستقبل. ، وتذكرو الاية الكريمة : « إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية