من هو "الرائد – G" الذي لازم نصر الله وقاد إلى اغتياله؟
تفاصيل جديدة كُشف عنها مؤخّرًا بشأن عملية "نظام جديد"، العملية التي مثّلت واحدة من أكثر العمليات العسكرية الإسرائيلية تعقيدًا ودقة.
تفاصيل هذه العملية نُشرت عبر موقع "واللا" الإسرائيلي بعد رفع السرية عنها، لتسلط الضوء على دور جاسوس إسرائيلي مغمور من تل أبيب، يبلغ من العمر 29 عامًا، يُدعى "الرائد - G"
بحسب ما ورد في التقرير، كان الرائد G شخصية بارزة في دائرة نصر الله، يتمتع بمكانة خاصة مكّنته من الاقتراب منه بطريقة لا تزال تفاصيلها غامضة. هذا الاقتراب لم يكن عفويًا، بل كان جزءًا من استراتيجية استخباراتية معقدة، استغلت الثقة الممنوحة له لزرع شبكة معلومات مكّنت إسرائيل من رصد تحركات نصر الله.
الموقع الإسرائيلي أثار تساؤلًا مثيرًا حول ما إذا كان "غرور" نصر الله أحد الأسباب التي عجّلت بعملية اغتياله. فقد أشارت التقارير إلى أن نصر الله كان يعتقد، حتى اللحظات الأخيرة، أن إسرائيل ليست بصدد شن حرب شاملة، وأن قواعد اللعبة لا تزال مستقرة، وهو ما استغلته إسرائيل بذكاء في إعادة صياغة "المعادلة".
ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي كشف عن تفاصيل مثيرة، حيث زعم أن نصر الله وقع ضحية ما أُطلق عليه "حقن معنوية"، وهي استراتيجية استُخدمت لتعزيز ثقته بنفسه ودفعه نحو اتخاذ قرارات غير محسوبة. هذه الاستراتيجية مكّنت إسرائيل من إحكام الطوق حوله، وجعلته يتصرف وكأنه بعيد عن خطر الاستهداف المباشر، بينما كانت كل خطوة منه تحت المراقبة الدقيقة.
الرائد G كان الركيزة الأساسية في تنفيذ عملية الاغتيال؛ إذ تمكن من تحديد مكان تواجد نصر الله قبل أيام من العملية. الأكثر إثارة أن G لم يكتفِ بتحديد الموقع، بل قدّم توقيتًا دقيقًا للتنفيذ: الساعة السادسة مساءً من يوم الجمعة الموافق 27 سبتمبر. هذا التوقيت لم يكن عشوائيًا، بل جاء بناءً على تحليل دقيق لتحركات نصر الله وعاداته اليومية.
في اللحظة المحددة، أطلقت إسرائيل عملية جوية غير مسبوقة من حيث الحجم والتعقيد. شاركت 14 طائرة مقاتلة محملة بـ83 قنبلة، بلغ إجمالي وزنها 80 طنًا. العملية، التي استغرقت 10 ثوانٍ فقط، نفذت بدقة عالية، ما أدى إلى تدمير الموقع المستهدف بالكامل، وتحقيق الهدف المتمثل في اغتيال نصر الله.
اغتيال نصر الله كان رسالة واضحة بشأن التغير في قواعد الاشتباك. الموقع الإسرائيلي أشار إلى أن هذه العملية أُنجزت في سياق إعادة تعريف استراتيجية الردع الإسرائيلي في مواجهة حزب الله، خاصة بعد أن وضعت نصر الله على رأس قائمة الاغتيالات.
برغم رفع السرية عن بعض تفاصيل العملية، لا تزال هناك أسئلة عالقة حول الطريقة التي تمكن بها الرائد G من التسلل إلى دوائر نصر الله، والطريقة التي استُخدمت لتعزيز ثقته بنفسه حتى اللحظة الأخيرة. كما يبقى الغموض يحيط بما إذا كان هذا الاختراق جزءًا من شبكة أوسع أم مجرد نجاح فردي.
تكشف عملية "نظام جديد" عن مدى التقدم الذي وصلت إليه إسرائيل في استخدام التكامل بين العمل الاستخباراتي والهجمات العسكرية عالية الدقة. هذه العملية تمثل نموذجًا لدراسة كيف يمكن لعوامل الثقة المفرطة والتخطيط الاستخباراتي المحكم أن تقلب الموازين، حتى في أعتى الصراعات وأكثرها تعقيدًا.