تقاطعات أمنية وسياسية في زيارة أنقرة

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن الزيارة التي قام بها الوفد الأردني إلى تركيا، برئاسة وزير الخارجية ورافقه فيها كل من رئيس هيئة الأركان ومدير المخابرات، تحمل في طياتها رسائل بالغة الأهمية على الصعيدين السياسي والأمني، كما تشير إلى تطورات استراتيجية قد تؤثر في الوضع الإقليمي بشكل عميق.

وأوضح لدى حديثه لقناة "المملكة" رصدته صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن النظر إلى هذه الزيارة يكون من زاويتين، لنجد أن الأردن يسعى إلى تعزيز موقفه في سياق التحديات الإقليمية الراهنة، لا سيما ما يتعلق بسوريا، في وقت حساس للغاية يشهد فيه النزاع السوري تحولًا دراماتيكيًا يضع المنطقة أمام مخاطر وفرص غير مسبوقة.

وبيّن أبو زيد أن الموقف الأردني من الناحية السياسية، يتجسد في رغبة واضحة بالحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، وهي رؤية تتلاقى بشكل وثيق مع التوجهات التركية التي تشاركها القلق حيال محاولات تقسيم سوريا أو التأثير على سيادتها، وقد يكون من الجدير بالذكر أن الأردن، منذ بداية الأزمة السورية، كان قد قدم رؤية مستنيرة تمثلت في مخرجات مؤتمر العقبة، التي أكدت أهمية التوصل إلى حل سياسي يعزز وحدة الأراضي السورية.

في هذا السياق، أصبحت الزيارة بمثابة تتويج لهذه الرؤية، إذ تكاملت مع المواقف التركية التي تسعى لدرء أي محاولات من شأنها خلق فراغ سياسي في سوريا.

أما على المستوى الأمني، فقد أظهرت الزيارة تزامنًا بين مصالح الأردن وتركيا، خاصة فيما يتعلق بالحدود السورية. الأردن، الذي يتقاطع مع سوريا وتركيا في زاوية جغرافية حرجة، يعاني من خطر توسع التنظيمات الإرهابية على حدوده. وبالفعل، يشترك البلدان في قلق مشترك بشأن خطر "داعش" وتنظيمات إرهابية أخرى، كما أن مخاوف الأردن تتصاعد حيال تحركات حزب العمال الكردستاني في المنطقة. هذا القلق الأمني يزداد تعقيدًا في ضوء التوترات التي تشهدها المناطق الحدودية، مثل البادية السورية وسهل حوران، حيث لا تزال هناك جيوب إرهابية تشكل تهديدًا مستمرًا. من هنا، تظهر الزيارة كخطوة حاسمة في التلاقي الأردني التركي لمواجهة هذه التحديات المشتركة.

على الصعيد العسكري، أشار أبو زيد إلى أن حضور رئيس هيئة الأركان الأردني في الوفد كان خطوة تعكس بوضوح تطلعات الأردن في إعادة تقييم الوضع العسكري في سوريا، خصوصًا في ضوء عملية دمج الفصائل السورية التي أعلن عنها النظام السوري. هذا الملف يمثل مصدر قلق للأردن، الذي يدرك أن عملية دمج الفصائل المتنوعة ذات الانتماءات الإثنية والطائفية المختلفة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. في هذا الإطار، قد يكون للأردن دورًا محوريًا في تقديم استشارات أو مساعدة في صياغة عقيدة قتالية جديدة للجيش السوري تضمن وحدة الجيش وفاعليته في مواجهة التحديات المقبلة.

إضافة إلى البعد الأمني والعسكري، لا يمكن إغفال البُعد الاقتصادي الذي تكتسبه الزيارة أهمية استراتيجية بالنسبة للأردن. حيث إن تعزيز التعاون مع تركيا في مجال البنى التحتية، خصوصًا عبر المعابر التجارية والطرق التي تربط جنوب سوريا بشمالها، يشكل ركيزة أساسية للأردن في سعيه لتعزيز اقتصادياته. الطريق البري الذي يربط سوريا بتركيا يمثل شريانًا حيويًا يمكن أن يسهم في تحقيق فوائد اقتصادية مشتركة، بما يتيح للأردن فرصة متجددة في تعزيز دوره في المعادلة الإقليمية وفي استعادة بعض من نفوذه الاقتصادي.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير