العتوم لـ"أخبار الأردن": أوراق إيران احترقت بعد سقوط الأسد
قال الباحث المتخصص في الشأن السياسي الدكتور نبيل العتوم إنه منذ سقوط نظام بشار الأسد، تعيش إيران في حالة من الارتباك الاستراتيجي، حيث تعرضت مصالحها الإقليمية لضربات موجعة أدت إلى اهتزاز موقعها في مواجهة خصومها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" أن سقوط النظام السوري لم يكن مجرد حدث عابر؛ بل هو زلزال استراتيجي أصاب صميم المحور الإيراني وأفقد طهران توازنها، ليظهر ذلك في تناقض مواقف وتصريحات قادتها.
وذكر العتوم أن خروج الرئيس الإيراني ليؤكد أن الحكومة السورية تمثل "تطلعات الشعب السوري"، بالتزامن مع تصريح المرشد الأعلى بأن ما حدث هو "مؤامرة دولية" تستهدف محور الممانعة، فإن هذا التناقض يفضح غياب رؤية استراتيجية متماسكة، فقد أصبحت إيران، التي كانت تُفاخر بقدرتها على التحكم بخيوط اللعبة الإقليمية، مكشوفة أمام أعدائها، تتخبط بين خطاب دفاعي ومحاولات يائسة لاستعادة زمام المبادرة.
لكن السؤال الأكبر يظل ماثلًا: كيف سينعكس هذا الاضطراب الاستراتيجي على الداخل الإيراني؟... وهل يمكن أن يؤدي الضغط الخارجي وتداعيات الهزائم الإقليمية إلى تصدعات داخلية عميقة تهدد بتفكك الحكومة الإيرانية نفسها؟، وفقًا لما صرّح به العتوم لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وبيّن أن المؤشرات القادمة من الداخل الإيراني لا تبعث على التفاؤل، والخطاب الرسمي الموجه إلى الداخل لم يعد مقنعًا لشرائح واسعة من الشعب، بل أثار موجات من السخرية والاستياء، لا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى النخب المحسوبة على التيار الإصلاحي لم تعد تخفي تساؤلاتها عن جدوى سياسات النظام، ذلك أن ملايين الدولارات التي أُنفقت على أزمات إقليمية بحجة حماية "المجال الحيوي الإيراني"، لم تحقق سوى مزيد من العزلة والضغوط.
ونوّه العتوم إلى أن هذا الاستياء الشعبي انعكس في التظاهرات والشعارات الغاضبة التي سمعناها مؤخرًا: "لا سوريا، لا لبنان، لا غزة... روحي فداء إيران"، لتكون بمثابة صرخة احتجاج ضد سياسة تبدو وكأنها قدمت رفاهية المواطن الإيراني قربانًا لطموحات توسعية خاسرة.
أما الخيارات المتاحة أمام إيران اليوم فتبدو أشبه بمفترق طرق وعر، وداخل النظام، هناك من يدعو إلى تبني سياسة المهادنة مع الولايات المتحدة، في محاولة لتخفيف العقوبات واستعادة بعض العائدات المجمدة، بينما يصر آخرون على العودة إلى خطاب "المقاومة"، على الرغم من إرهاق هذا النهج لإمكانات البلاد، ومع احتمالية عودة ترامب إلى السلطة، فإن الأمور قد تصبح أكثر تعقيدًا، حيث سيعني ذلك تشديد العقوبات إلى مستويات غير مسبوقة.
وأشار إلى أن إيران اليوم في وضع أشبه بمن يبتلع سكينًا؛ خياراتها محدودة، وكل منها يحمل في طياته مخاطر جمة، ولقد كانت طهران تراهن على استغلال ملفات كسوريا، واليمن، ولبنان كورقة تفاوضية للحصول على مكاسب في الملف النووي، لكن هذه الورقة تبدو الآن محترقة، بعدما تحول ما يسمى بـ"المجال الحيوي الإيراني" إلى سلسلة من الأزمات التي تستنزف قدراتها وتُضعف موقفها الدولي.
ما تبقى أمام النظام الإيراني ليس سوى محاولة يائسة لإعادة ترتيب أوراقه، لكن التحدي الأكبر يظل في الداخل، فهل يتمكن من الحفاظ على تماسكه تحت ضغط الشارع والإكراهات الخارجية، أم أن إيران تتجه نحو مرحلة جديدة من التصدعات والاضطرابات قد تغيّر ملامحها إلى الأبد؟، وفقًا لما صرّح به العتوم لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.