هل يمكن للمعتقلين الأردنيين مقاضاة الحكومة لتعويض الضرر؟
صدمت قوائم تضم أسماء أردنيين معتقلين في سجون الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الرأي العام الأردني، حيث تبين وجود أكثر من 265 معتقلًا أردنيًا داخل السجون السورية، بعد أن كانوا يُصنفون في عداد المفقودين لعقود.
هذه الحقيقة الصادمة تضعنا أمام معاناة مزدوجة، عاشها المعتقلون في غياهب السجون، وذووهم الذين غابت عنهم أي معلومة عن مصير أبنائهم، في ظل غياب المحاكمات العادلة وانعدام الشفافية.
وفي هذا الصدد، قال خبير القانوني المحامي الدكتور صخر الخصاونة إنه تم احتجاز هؤلاء الأشخاص في ظروف تعسفية تفتقر إلى أبسط معايير العدالة والإنسانية، إذ لم تُتَح لهم محاكمات عادلة، ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية واضحة، مضيفًا أن الأسماء والأماكن ظلّت مجهولة، ما جعل عملية تتبعهم أو المطالبة بحقوقهم شبه مستحيلة.
وبيّن الخصاونة، في حديث لصحيفة “أخبار الأردن” الإلكترونية، أن أكثر ما يثير الأسى هو أن هؤلاء المعتقلين كانوا ضحايا إجراءات قسرية، بعيدة عن أي إطار قانوني أو أخلاقي ينسجم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ونوّه إلى أن المشاهد الموثقة التي أظهرت حالة بعض المعتقلين بعد الإفراج عنهم كشفت حجم الضرر النفسي والجسدي الذي تعرضوا له، فكثيرٌ منهم بدوا فاقدي الذاكرة، ويعانون من صدمات نفسية عميقة، وكأنهم عايشوا فصولًا من الظلام والعزلة القسرية، وهذا الوضع يجعل جبر الضرر تحديًا كبيرًا، حيث أن الآثار التي لحقت بهم لا تقتصر على الجسد بل تمتد إلى الروح والكرامة الإنسانية.
وذكر الخصاونة أنه لا يمكن تحميل الحكومة الأردنية وحدها المسؤولية عن هذه المأساة، إذ بذلت جهودًا مستمرة للتواصل مع الجانب السوري على مر السنوات، إلا أن انعدام الشفافية والتعاون حالا دون تحقيق نتائج ملموسة، مع ذلك، فإن الواجب الوطني يتطلب تعزيز هذه الجهود، ودعم المعتقلين وعائلاتهم قانونيًا ومعنويًا.
وأكد أن حقوق هؤلاء المعتقلين ليست قابلة للتفاوض أو المساومة، ووفق القوانين الدولية، يحق لهم ولذويهم المطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والنفسية التي لحقت بهم جراء الاحتجاز التعسفي، وهذه المسؤولية تقع على عاتق السلطات السورية، التي يجب أن تُحاسب على انتهاكاتها من خلال المسارات القانونية، سواء عبر القضاء السوري أو المحافل الدولية.
وأشار الخصاونة إلى أن ما حدث يعد دليلًا على حاجة ملحّة لتفعيل الرقابة الدولية على أوضاع حقوق الإنسان في السجون السورية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات، وهذه القضية تفتح المجال لنقاش أوسع حول دور المجتمع الدولي في حماية حقوق المعتقلين، وإلزام الأنظمة بمواثيق حقوق الإنسان.