سيناريوهات ما بعد الأسد.. خطة محكمة لمنطقة نظيفة
قال الخبير العسكري اللواء المتقاعد عبد الله الحسنات إن المشهد السوري الحالي يتسم بتسارع شديد يعكس ترتيبات مدروسة في توقيت محكم، مرتبط بملفات إقليمية كبرى وإعادة صياغة للسياسات الدولية في المنطقة، فهو يتقاطع مع إنهاء الحرب في لبنان، في إشارة واضحة إلى الترابط الوثيق بين الملفات في الشرق الأوسط.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن هذا التزامن لم يأتِ صدفة، فهو جزء من خطة محكمة ترتبط أيضًا بتسليم الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها في 21 يناير، حيث يسعى دونالد ترامب إلى تسلم "منطقة نظيفة"، خالية من الصراعات المباشرة التي تعيق تنفيذ رؤيته الاقتصادية المتمثلة في "السلام الاقتصادي".
وبيّن الحسنات أن تصريحات ترامب عن "سلام اقتصادي" تعكس استراتيجية واضحة تعطي الأولوية لتحقيق الاستقرار الإقليمي كشرط أساس لدفع عجلة التجارة والاستثمار، ومن هنا، فإن إغلاق ملفات الصراع في سوريا، وغزة، ولبنان، والعراق يبدو وكأنه شرط مُسبق لتحقيق أهدافه الكبرى، مضيفًا أن ترامب، الذي رفض الحديث عن إقامة دولة فلسطينية قبل عام على الأقل، يظهر رغبة في تحويل المنطقة إلى مسرح يخدم مصالحه الاقتصادية، ما يضع مزيدًا من الضغط على القوى الإقليمية لإعادة ترتيب أولوياتها وفق هذه الرؤية.
وقال الحسنات إن المعارضة السورية اليوم ليست كما كانت سابقًا، فهي باتت تملك أدوات قتالية نوعية تعكس حجم الدعم الخارجي الهائل، وظهور الأسلحة الحديثة، من طائرات مسيّرة وأليات مدرعة، إلى منظومات قيادة وسيطرة متطورة، يثبت أن هناك دولًا كبرى تدعم هذه الفصائل، سواء ماديًا أو لوجستيًا، وهو ما يشير إليه الإعلام المنظّم، الذي يسبق حتى التحركات الميدانية، من أن المعارضة لم تعد مجرد مجموعات مشتتة، بل منظومة متكاملة تعمل وفق استراتيجية واضحة لتحقيق مكاسب ميدانية وسياسية.
تراجع الجيش السوري
على النقيض، يواجه الجيش السوري أزمة بنيوية بدأت منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، الذي كان يشكل داعمًا رئيسيًا له، وغياب الدعم السوفيتي أضعف قدرات الجيش تدريجيًا، وجعله يواجه صعوبة في الحفاظ على تماسكه أمام التحديات الداخلية والخارجية، كما أن الاعتماد المفرط على الدعم الخارجي طوال العقود الماضية جعل الجيش السوري هشًا، وفقًا لما صرّح به لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
سيناريوهات ما بعد الأسد
وتابع الحسنات أنه في ظل هذه المعطيات، يبدو أن المنطقة مقبلة على تغييرات جذرية، والتصريحات الأمريكية، التي تعكس تراجع واشنطن عن الالتزام بالحفاظ على النظام السوري، تفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، أبرزها نهاية عهد الأسد، وبروز ترتيبات جديدة تحاكي الواقع الميداني، ومع ذلك، تبرز تساؤلات جوهرية حول قدرة سوريا على تحقيق استقرار طويل الأمد، فهل سيكون المشهد المقبل بداية لتحول استراتيجي نحو الاستقرار، أم مقدمة لفوضى إقليمية أوسع تُدخِل سوريا والمنطقة بأسرها في دوامة من الصراعات الجديدة؟