الروسان يتحدث لـ"أخبار الأردن" عن مظهر سوريا الجديدة الذي سيتشكل
قال الخبير العسكري، العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان إن سوريا تشهد إعادة تشكيل لموازين القوى في سياق دولي وإقليمي مشحون، حيث يتداخل النفوذ السياسي والعسكري بشكل معقد يعكس سباقًا مستمرًا لتحقيق مكاسب استراتيجية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن الولايات المتحدة تتحرك كمنتج رئيس للصراع، مستفيدة من حالة الفوضى لتعزيز أهدافها بعيدة المدى، بينما يتراجع النفوذ الإيراني مع انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وفي هذا السياق، تسعى تركيا لاستغلال الفراغ الناشئ من انحسار القوى التقليدية عبر فرض سياسة "المفاوضات تحت النار"، محاولة تأكيد هيمنتها في الشمال السوري وموازنة علاقتها مع القوى الدولية والإقليمية.
وبيّن الروسان أن الدور الإسرائيلي يبدو أكثر وضوحًا وجرأة، حيث تسعى تل أبيب للاستفادة من ضعف النظام السوري لإعادة رسم الخريطة الاستراتيجية في المنطقة، مشيرًا إلى أن تصريحات رئيس الموساد السابق إفرايم هاليفي، بشأن العلاقة مع هيئة تحرير الشام تكشف عن تنسيق عميق يتجاوز حدود الدعم التكتيكي، ما يعكس رغبة إسرائيلية واضحة في تكريس حالة الانقسام والضعف داخل سوريا.
وذكر أن المشهد العسكري في سوريا لم يعد عشوائيًا كما كان في بدايات الصراع، وأن الفصائل المسلحة، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، شهدت تحولًا كبيرًا على مستوى التنظيم والقدرات القتالية، إذ باتت تمتلك أدوات حرب متقدمة ساعدتها على تحقيق اختراقات نوعية في ساحة المعركة، وهذا التطور لم يكن ليحدث لولا الدعم المكثف الذي تلقته هذه الفصائل من قوى إقليمية ودولية تسعى لاستثمارها كأداة ضغط ضد النظام السوري وحلفائه.
في المقابل، يعاني الجيش السوري من انهيار تدريجي في بنيته العسكرية والتنظيمية نتيجة انشقاقات متكررة، ضعف التمويل، وتراجع الروح القتالية. الاعتماد على مليشيات طائفية لسد الفجوات البشرية والميدانية يعكس هشاشة المؤسسة العسكرية التي تواجه صعوبة في احتواء التصعيد المتزايد.
وصرّح الروسان بأن التطور النوعي الذي طرأ على الفصائل المسلحة، خصوصًا من حيث استخدام الطائرات المسيّرة، أسهم في تغيير قواعد اللعبة على الأرض، والهجمات المركزة باستخدام المسيّرات ضد أهداف عسكرية استراتيجية، مثل مستودعات الذخيرة والدبابات، أضعفت قدرة النظام السوري على الصمود ودفعت نحو اتساع رقعة المواجهة لتشمل مناطق حيوية كحلب، حماة، حمص، ودرعا، مع احتمالات كبيرة بامتداد العمليات نحو دمشق والسويداء.
ونوّه إلى أن الأردن يواجه ضغوطًا متزايدة نتيجة التصعيد المستمر في سوريا، حيث يبدو التهديد مركبًا، بدءًا من خطر تسلل العناصر المسلحة مرورًا بموجات نزوح محتملة، وصولًا إلى تزايد نشاط التهريب عبر الحدود، والخطوة الأخيرة المتمثلة في إغلاق معبر جابر الحدودي تسلط الضوء على المخاوف الأمنية الأردنية المتصاعدة، بينما يبقى الجيش الأردني في حالة تأهب دائم للتعامل مع أي تهديدات مباشرة.
وأكد الروسان أن استمرار النزاع المسلح في سوريا يهدد بمزيد من الكوارث الإنسانية التي قد تشمل عمليات تطهير عرقي، وعمليات نزوح جماعي، إلى جانب تصاعدٍ في الفوضى الإقليمية، وفي ظل هذه الظروف، لا يبدو الحل العسكري قادرًا على تحقيق الاستقرار، ما يفرض ضرورة التحرك نحو صياغة حل سياسي شامل.