البراسنة لـ"أخبار الأردن": الولايات المتحدة تعوّل على الشرق الأوسط لهذه الأسباب
قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور أيمن البراسنة إن تزامن اندفاع الولايات المتحدة نحو التهدئة في الشرق الأوسط مع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية يثير تساؤلات حول دوافع واشنطن الحقيقية. غير أن الحقيقة تتجاوز المعطيات الانتخابية، لتكشف عن أطماع الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وما تمتلكه من أهمية استراتيجية كبرى.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الشرق الأوسط يُعد شريان الطاقة العالمي، إذ تنتج المنطقة حوالي 31% من النفط العالمي و18% من الغاز، وتحتفظ بنحو 48% من الاحتياطات النفطية المؤكدة، بالإضافة إلى 40% من احتياطات الغاز الطبيعي.
وبيّن البراسنة أن واشنطن تنظر إلى الشرق الأوسط من منظور أمني، حيث تسعى إلى منع تدهور الأوضاع إلى نزاعات قد تهدد استقرار أسواق الطاقة ومصالح حلفائها. ومن هنا ينبثق دورها في "إدارة" الصراعات بدلاً من حلها، وهو نهج استراتيجي اتخذته الولايات المتحدة دور الوسيط المحوري منذ عهد هنري كيسنجر. مضيفًا أن السياسات الأمريكية في المنطقة تستند إلى تحقيق استقرار يضمن تدفق الموارد نحو الاقتصاديات الصناعية، وهو ما يفسر تقاطع المصالح بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول هذا الملف، مما يجعل الاعتبارات الانتخابية عاملًا ثانويًا مقارنة بمحددات الأمن القومي الأمريكي.
ونوّه إلى أن التطورات الأخيرة بين إسرائيل وإيران تُبرز رغبة طهران في مواجهة تهديدات تل أبيب عبر تحريك "وكلائها" الإقليميين، كحزب الله في لبنان، وهو ما يُعرف بسياسة الردع غير المباشر. وعلى الجانب الإسرائيلي، تتسم سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بطابع تصعيدي قد يدفع المنطقة نحو حافة الحرب. ومع ذلك، فإن تحذيرات الإدارة الأمريكية من مغبة التصعيد تعكس مدى عمق الأهمية الاستراتيجية للاستقرار الإقليمي بالنسبة لواشنطن، التي تدرك أن أي اندلاع مباشر للصراع قد يتطلب تدخلًا أمريكيًا دفاعًا عن حليفتها إسرائيل، الأمر الذي ينذر بتهديد التوازنات الاستراتيجية ويعصف بمصالحها.
في ظل تزايد التوترات، ذكر البراسنة أن طهران تبدو مدركة لحقيقة أن أي رد مباشر قد يضعها في مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة، وهو ما دفعها لتبني سياسة الرد بالوكالة، حيث تستثمر في وكلائها في المنطقة كأداة ردع استراتيجية. مشيرًا إلى أن إيران تفضل تكثيف الدعم لحزب الله بهدف إضعاف جبهة الشمال الإسرائيلية، بينما تسعى لتجنب التصعيد المباشر الذي قد يؤدي إلى تدخل أمريكي واسع.
وقال إن هذه المرحلة تمثل اختبارًا لقدرة الولايات المتحدة على تحقيق نوع من الاستقرار عبر إدارة التوترات الإقليمية وفق معادلة دقيقة تراعي مصالحها الأمنية، فيما يكشف الضغط الأمريكي على نتنياهو لتجنب الاستهداف المباشر للمواقع الإيرانية الحساسة عن استراتيجيات "إدارة الصراع" التي تتبعها واشنطن، حيث تحرص على بقاء الشرق الأوسط تحت السيطرة ضمن حالة من التوازن المضبوط، بما يضمن عدم انجرار المنطقة نحو مواجهات قد تتعدى حسابات الولايات المتحدة الاستراتيجية.