أبو زيد لـ"أخبار الأردن": سيناريوهان لحادثة البحر الميت
خاص
قال الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد إن الادعاء الإسرائيلي بوقوع العملية في مستوطنة " نئوت هكيكار"، الواقعة بالقرب من غور فيفا وعلى بُعد 3 كيلومترات من الحدود الأردنية، يندرج في إطار السرديات الإسرائيلية المتكررة التي تتزايد في الآونة الأخيرة، وتتمحور حول مزاعم عدم ضبط الحدود الأردنية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الاحتلال الإسرائيلي أدلى في أكثر من مناسبة بتصريحات تدعي وجود عمليات تهريب للأسلحة عبر الحدود، واليوم يُضاف إلى تلك الادعاءات تصريح حول تسلل وعملية اشتباك مع الجنود الإسرائيليين، وهذا يضعنا أمام مجموعة من السيناريوهات، قد تحمل في طياتها أكثر من تفسير.
ووضع أبو زيد سيناريوهين رئيسيين لتفسير هذا الحدث، يفترض الأول أن هذه العملية تأتي ضمن إطار الدعاية الإسرائيلية المستمرة والمتزايدة حول مسألة "عدم ضبط" الحدود الأردنية، وهذه الادعاءات قد تكون جزءًا من حملة إعلامية وأمنية يقودها الاحتلال لإيصال رسالة مفادها أن هناك خللًا في الإجراءات الأمنية على الجانب الأردني، بهدف إحراج الأردن أو الضغط عليه لاتخاذ مزيد من الإجراءات الأمنية. وهنا يمكن أن نفهم هذا السيناريو على أنه أحد أوجه المناكفات الأمنية بين إسرائيل والأردن، وربما يكون جزءًا من مناوشات دبلوماسية تسعى إسرائيل من خلالها إلى رد الفعل على المواقف الأردنية الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بدعم الأردن المتواصل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فالموقف الأردني الثابت من القضية الفلسطينية، ودوره المحوري في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، يشكلان نقطة توتر متزايدة مع إسرائيل، التي تسعى إلى تقويض هذا الدور وإحراج الأردن دوليًا وإقليميًا.
أما السيناريو الثاني، فيفترض أن تكون هذه العملية حقيقية، وليست مجرد دعاية إسرائيلية، وفي هذا الإطار، قد تكون هذه العملية مشابهة لنموذج عملية الشهيد ماهر الجازي، الذي نفذ عملية استشهادية في معبر الكرامة قبل عدة أسابيع، وإذا كانت هذه العملية واقعية وحقيقية، فهذا يعني أنها تندرج ضمن سلسلة من العمليات التي تزايدت بعد أحداث 7 أكتوبر، والتي شكلت نقطة تحول في الشارع العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية.
وبيّن أبو زيد أن هذه العمليات تعكس تصاعدًا في حالة الوعي والمقاومة، على مستوى العالم العربي ككل، حيث بات الشعور العربي بأن الصراع مع إسرائيل ليس مجرد نزاع فلسطيني-إسرائيلي، بل هو صراع وجودي بين الأمة العربية ككل والكيان الإسرائيلي.
وأكد أن أحداث 7 أكتوبر، والتي تمثلت في الهجوم المفاجئ من قِبل الفصائل الفلسطينية على المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية في غلاف غزة، ألقت بظلالها على المشهد العربي والإقليمي، حيث ارتفعت مستويات الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية، وهذه الارتدادات لا تزال تتجلى في شكل عمليات فردية وجماعية تسعى لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتعكس تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراع، ليصبح أكثر شمولية وامتدادًا خارج حدود فلسطين التاريخية، وصولًا إلى العواصم العربية والإسلامية.
وبالتالي، إذا صح هذا السيناريو، فإنه يعزز فكرة أن هذه العمليات تعد امتدادًا طبيعيًا لروح المقاومة العربية التي ترى في هذا الصراع مع إسرائيل مسألة جوهرية تمس الأمن القومي العربي، وفي هذا السياق، يصبح الحديث عن عمليات التهريب والتسلل وتبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين والمقاومين تعبيرًا عن حالة نضال مستمرة تشكل جزءًا من مشهد إقليمي أوسع، حيث يتداخل فيه البعد الأمني مع البعد السياسي والدبلوماسي.
النتيجة التي توصل إليها أبو زيد هي أن الأوضاع على الحدود الأردنية-الإسرائيلية مرشحة لمزيد من التصعيد، سواء على المستوى الأمني أو السياسي، خاصة في ظل المواقف الأردنية الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ودعم المقاومة في غزة والضفة الغربية، وهذا التصعيد قد يشكل جزءًا من التوترات الإقليمية الأكبر التي تتداخل فيها المصالح الإسرائيلية مع المصالح الأردنية والفلسطينية، ما يعزز احتمالية استمرار مثل هذه العمليات والتوترات على المدى القريب والمتوسط.