القدومي لـ"أخبار الأردن": التهجير في الضفة وغزة مقدمة لـ"الوطن البديل"
خاص
قال الصحافي الفلسطينيّ جاد القدومي إنه في ظل العدوان المستمر على غزة، باتت الضفة الغربية مسرحًا لأحداث تذكرنا بانتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000، إذ أصبحت الضفة اليوم مقطعة الأوصال بشكل لم يسبق له مثيل.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن الحواجز الإسرائيلية أعيد تفعيلها في كل مكان؛ من المدن إلى البلدات، وحتى القرى النائية والخرب الجبلية، أصبحت خاضعة لرقابة مشددة عبر الحواجز والبوابات العسكرية، مضيفًا أن إسرائيل تمسك بزمام الطرقات، وتتحكم في حركة المواطنين بشكل كامل، لتعيش مدن شمال الضفة حالة أشبه بحالة الحرب، حيث تستنزف الموارد والجهود في مواجهة عدو يتخذ من القمع والتضييق أدوات دائمة له.
وذكر القدومي أن الضفة الغربية باتت في أجواء حرب حقيقية، وإن كان إيقاعها مختلفًا عن ساحات القتال الأخرى، فإن الإجراءات المتبعة تعكس استراتيجيات الاحتلال في مواجهة أي تحرك قادم.
النظر إلى الضفة الغربية يتطلب فحصًا من خلال بعدين رئيسيين: الأول هو العدوان الإسرائيلي المستمر والمتصاعد، أما الثاني، وهو الأهم، فيتمثل في اعتبار الضفة جبهة استراتيجية ذات ثقل حقيقي، وإن كانت تبدو في الظاهر هادئة نسبيًا، فإن أي عملية فدائية واحدة داخل العمق الإسرائيلي قادرة على قلب الموازين وخلط الأوراق، ما يبرز قوة تأثير الضفة، فالاحتلال يدرك تمامًا أن الضفة تمثل جبهة قوية لا يمكن الاستهانة بها، وفي هذا السياق، يعمل الاحتلال ضمن إطار مخطط كبير يهدف إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن ما نراه على الأرض يشير إلى حرب استنزاف طويلة الأمد تواجهها إسرائيل على عدة جبهات، بدءًا من غزة وجنوب لبنان وصولًا إلى الضفة الغربية، كما صرّح القدومي لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية.
وبيّن أنه في الضفة الغربية، يتطلب الاحتلال الإسرائيلي أعدادًا هائلة من الجنود والآليات العسكرية لحماية مستوطناته، طرقه، وبؤره الاستيطانية، بالإضافة إلى الحدود التي رسمها بيده، وهذه الحدود ليست سوى خطوط احتلالية مفروضة بالقوة، وليست حدودًا شرعية بأي حال من الأحوال، والضفة الغربية تحولت إلى ميدان اشتباكات دائم، سواء في جنين أو طولكرم أو طوباس أو قلقيلية، وحتى في مناطق أخرى مثل بيت أمر وبعض قرى رام الله والخليل، ليكون هذا الاستنزاف اليومي ليس إلا جزءًا من خطة كبرى يسعى الاحتلال إلى تحقيقها عبر محورين واضحين: الأول هو تقطيع أوصال الضفة الغربية وتحويل مناطق الفلسطينيين إلى جزر معزولة مفصولة عن بعضها بالحواجز والبوابات، وذلك بهدف تقليص الوجود الفلسطيني تدريجيًا وتحويله إلى أقلية جغرافية وبشرية مع مرور الوقت، في ظل التوسع الاستيطاني الهائل، أما المحور الثاني، فيتعلق بسياسة التهجير القسري التي ينتهجها الاحتلال، سواء عبر التضييق الاقتصادي أو العسكري، لإجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم.
وقال القدومي إن الأردن، باعتباره الأقرب جغرافيًا، يشكل هدفًا محتملًا لهذه السياسة، حيث يخطط الاحتلال لتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين باتجاهه، وهذه السياسة ليست جديدة، بل هي جزء من استراتيجية معلنة لدى قيادات إسرائيلية متطرفة مثل سموتريتش وبن غفير، الذين يدعون علنًا إلى تهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
وفي هذا السياق، يتعين على الأردن أن يدرك خطورة هذه المرحلة وأن يتحرك بشكل استباقي لوقف أي مخطط إسرائيلي يستهدفه، سواء عبر التهجير أو غيره.
في المقابل، يمكن للفلسطينيين أن يفشلوا هذه المخططات كما يحدث حاليًا في شمال غزة، حيث يرفض الأهالي بشدة التهجير ويقاومونه بكل الوسائل المتاحة، والمقاومة الشعبية، المستمرة في رفض الإخلاء والتهجير، هي السبيل لإفشال هذا المخطط، أما بالنسبة للضفة الغربية، فدخولها في هذا الصراع المحتدم بات أمرًا حتميًا، خاصة في ظل الظروف الراهنة، فلا يمكن للوضع في الضفة أن يظل كما هو؛ فكل تصعيد سيولّد رد فعل مضاد، والاحتلال يدرك هذه الحقيقة ويخشى لحظة الانفجار.