نتيجة حتمية ...
إبراهيم ابو حويله....
نعم نحن اليوم كلنا ندفع الثمن لجملة من الأخطاء المتراكمة التي كان السبب فيها عدد كبير ، وجملة كبيرة من الأخطاء المتراكمة ساهمت بهروب مستثمرين وعدم إستثمار أخرين ، ورفعت العبء والضريبة على كاهل المواطن المسكين ، ولم تستغل الفرص المتاحة لتحسين وتطوير القطاعات القائمة ، حتى وصلنا إلى قناعة بأن كل إستثمار يقوم به القطاع العام مصيره الفشل ونهايته حتمية لا أمل فيها .
نقف اليوم مع نتيجة للأسف تبدو طبيعية لما مررنا به من أحداث سابقة ، نعم للأسف هناك جملة من المسؤولين عن هذه النتائج التي وصلنا إليها اليوم وليس شخصا واحدا هناك يقف في قفص الإتهام ، ولكن ما يعنني حقا ليس هو المسؤول الرئيسي .
نعم هناك أخطاء وهناك عوامل بشرية وهناك وهناك ، ولكن عندما تكثر الإنحرافات والتجاوزات تصبح البيئة خصبة لهؤلاء ، ولذلك لا بد من المحاسبة والمكاشفة وقوة القانون وعدالة القضاء في التعامل مع المجتمعات ، لن تستطيع أن تصلح مجتمعا كاملا هذا أكيد ، ولكنك تستطيع أن تضع جملة من القواعد والأطر التي تحكمه وتحدد له المسار والبوصلة ، وإلا لضاعت فئة في تلك الدروب المهلكة .
ولكن العتب على كل من ساهم في إيجاد بيئة عفنة تكثر فيها هذه الفئة ، ولذلك أصرخ دائما بأننا لا نملك رفاهية الخيار ولا رفاهية القرار ، فكل قرار يتصل بالمجتمع يجب أن يتصف بالحكمة وكل تعامل مع قضايا المجتمع يجب أن يتصف بالحكمة ، وكل فئة تستلم منصبا في المواقع العامة يجب أن تراقب وتحاسب ويجب أن يعرف العامة طبيعة المسؤولية وأعباءها ، وما يترتب على هذا القرار أو ذلك لتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه العزف على الأوتار النشاز ، وخلق بيئات مريضة لا تحسن النية ولا التفكير ، وتظن الظنون السيئة بكل ما حولها .
وسأعود وأنا أشعر بالغضب لأضع ما أظنه أوصلنا إلى هذه المرحلة ، فهناك الكثير منّا أدلى بدلوه هنا وساهم بدوره حتى وصلنا إلى هذه المرحلة ، فذلك الموظف الذي لا يقوم بعمله ويؤخره ويساهم في تأخير معاملات ، وذلك الذي كان السبب في إغلاق هذا المشروع أو ذلك أو تأخيره أو هروب هذا المستثمر أو ذلك ، وذلك الذي يعتبر الوظيفة مغنما ولا يمارس عمله بأمانة وذمة وضمير .
فلا مصنع هناك نجح ولا هيئات ولا وزرات كانت على قدر التحدي ، واستطاعت ان تحافظ على الموجود ، فهذا حرر الطاقة وثاني عدل القوانين والأنظمة وثالث زاد الضريبة ، ورابع فرض الضمان على تلك الفئات التي بالكاد تقدر على ان تأمن قوت يومها ، مع الاقرار بأن منظومة الأمان الإجتماعي مطلوبة ، حتى النقابات التي كانت عونا اصبحت عبئا ووسيلة جباية وتعطيل ، ومن يقول بعكس ذلك للأسف عليه أن يعيد حساباته جيدا ، فنحن لا نريد تجميل واقع ، ولكن نريد معرفة الخلل لمعالجته والوقوف على أسبابه .
ونعم هناك شعور ينتشر يخلق عدم إنتماء وولاء ، وهذا الشعور سببه أن فئة عريضة من المجتمع ترى ان من يستفيد من مقدرات الوطن هي تلك الفئة فقط تلك الفئة التي تجنى الثمر وغيرها يقوم بكل العمل ، ولكن نظرة منصفة ستجعلك تدرك أن جزء كبيرا جدا يعود للوطن ، نعم هناك تقصير في كثير من النواحي ، وهناك ضعف وهناك محسوبية وهناك تجاوزات ، ولكن هذا لا ينفي بأي حال بأن هناك الكثير من الخدمات والبنى التحتية ، وهناك تعليم وهناك صحة وهناك دولة مؤسسات وهناك رواتب وبنوك ، وهناك الكثير من المخلصين الذين يصلون الليل بالنهار لتستمر هذه الخدمات التي للأسف لا نريد أن نشعر بها .
فلو أنصفنا قليلا لأدركنا أن لهذا الوطن مكانة مقدرة ، والمواطن هنا لديه مقدرات وإمكانيات مقدرة ومحترمة ، وقد حصل على قدر كبير من التعليم والحضارة والثقافة وهو يناجز إن لم يتجاوز الكثير من مواطني الدول المتقدمة ، نعم ينقصنا الكثير أنا أقرّ ومن جملة ما ينقصنا هو ذلك الإنسان ، الذي يستشعر عظم المسؤولية ويدرك أن ما يقوم به من أعمال يؤثر عليه لاحقا وعلى كل من حوله ، وهذا لا يعني أن نخسر ما وصلنا إليه لنصل إلى ذلك الذي نريد .
بل كيف نحافظ على ما وصلنا إليه ونسعى للمزيد ، ولذلك أقول بأنه وبدون مراجعة شاملة لن نصل إلى ما نصبو إليه ، وهذا المراجعة يجب أن تشمل مفهوم الوطن والمواطنة وتشمل الحقوق والواجبات.
ويعرف كل منّا أثر ذلك الفعل البسيط الذي لا يقوم به وهو على رأس عمله ، وأثر الفرص الضائعة لهذا الوطن ، وأثر فقد المبدعين والمستثمرين ومحاربة الموجودين بالتضيق والتشريعات والإنظمة ، وعدم الإستماع لمطالبهم وشكواهم وطرق الإستمرار المطلوبة لهم .
والنتيجة الحتمية هي ما وصلنا إليه ، لن يستطيع الوطن أن يتحمل كل ذلك ، ستضعف قوته وقدرته على الإستمرار ، وندفع نحن جميعا الثمن.