حضورٌ عسكريٌّ مَهيب في إحتفالُ الكنيسةِ الأرثوذكسيَّةِ بعيدِ الإستقلالِ
أقامتِ الكنيسةُ الأرثوذكسيَّةُ اليومَ الأحد صلاةَ المجدَلَة الكُبرى، احتفالًا بعيدِ الإستقلالِ الثاّمِنِ والسّبعينَ للمملكةِ الأردنيَّةِ الهاشِميّةِ، بعد انتهاءِ الّليتورجيّا الإلهيّة " القدّاس الإلهيّ " التي ترأّسَها صاحِبُ السّيادةِ المطران خريستوفوروس في كنيسةِ الصعود الإلهي للروم الأرثوذكس - خلدا.
تحتفلُ كنيسَتُنا الأرثوذكسيّة بالأعيادِ الوطنيّةِ الرّسميَّةِ كما هو متَّبَعٌ في التّقليدِ الكَنَسيّ للبطريركيّةِ المقدسيَّةِ فَتَرفعُ الصلاةَ ابتهالًا للهِ ليحفَظَ وطنَنا الحبيبَ الأردنَّ وقيادَتَهُ الهاشميّة الحكيمةَ وحكومَتَه الرّشيدةَ وشعبَهُ الأمين.
فبهذهِ المناسبةِ قال صاحبُ السّيادةِ المطران خريستوفوروس في كلمته: بناتِ وأبناءَ رعيّتِنا الحَبيبة تحيةَ المَحبّةِ الأخويّةِ الخالصة، إذ أُرسِلها لجَميعِكم بمناسبةِ عيدِ استقلالِ المَملكةِ الأردنيّةِ الهاشميّةِ الثاّمِنِ والسّبعينَ واليوبيلِ الفضّيِّ لجُلوسِ جلالةِ المَلك عبدالله الثّاني على العَرشِ وعِيدِ الجيش، مُرحِّبًا بحُضورِكُمِ السّنويِّ البَهيِّ في الكنيسةِ الأرثوذكسيّةِ (أمِّ الكنائسِ) التي عَاصرت كُلَّ الأحداثِ في الأراضي المُقدّسةِ مُنذ ما زادَ عنِ العشرينَ قرنًا وحتى يَومِنا هذا، ومِنها إستقلالَ المَملكةِ الذي أعلنهُ المَلكُ المُؤسِّسُ عام 1946 زمنَ البطريرك تيموثيوس الأوّل الذي حَرصَ ببُعدِ نَظرٍ، ومِن بَعدهِ البطريرك فينيذكتوس الأوّل أن تبقى بطريركيّتُنا الرّوميّةُ المَقدسيّةُ مُرتبطةً بالدّولةِ الأردنيّةِ والعَرشِ المَلكيِّ الهاشميّ، حِفظًا لبيعةِ أهلِ القُدسِ للهاشميّينَ وتمسُّكًا بالعُهدةِ العُمَريّة.
فَرَحُنا باليوبيلِ الفضّيّ لجُلوسِ جَلالةِ المَليك المُفدّى على العَرش، يأتي مِن خِلالِ فَهمِنا واستيعابِنا للإنجازاتِ الأردنيّةِ خِلالَ الخمسةِ والعشرينَ سنةً الماضية، في ظلِّ جميعِ صُنوفِ التّحدّياتِ التي مَرّت علينا، إلا أنَّ المَملكةَ تجاوزتها واستمرّت في تحقيقِ الإنجازاتِ على كُلّ الأصعدة، أعدادُ الناسِ تضاعفت، والمُدنُ توسّعَت، والبُنى التّحتيّةِ والخدماتِ انتشرت، وزادَ انتشارُ المُؤسَّساتِ على اختلافِها، وعِندما نقولُ بأنّ هذا ما كانَ ليكون، إلا بقيادةٍ صَابرةٍ وحَكيمةٍ تمثّلت بجلالةِ المَلك عبدالله الثّاني المُعظَّم، ولا نذكرُ ذلك مِن بابِ المُجاملةِ بل من قناعةِ تَلَمُّسِ الواقع.
واليوم إذ تَتكرّرُ ذِكرى الاستقلالِ ونحنُ نتمتّعُ بنِعمتَي الإستقرارٍ والأمانِ، هي نِعمٌ قد لا يَعرفُ قيمتَها الحَقيقيّةَ إلا مَن فقَدَها، اليومَ نقفُ باعتزازٍ ومَسؤوليّةٍ أمامَ مُناسباتِنا الأردنيّةِ الوّطنيّةِ والإقليمُ مِن حَولنا مُلتهبٌ، نقفُ بوَعيٍ وتقديرٍ أمامَ المَسؤوليّاتِ الجِسامِ التي تَتحمَّلُها مُؤسّساتُنا العَسكريّةُ والأمنيّةُ بحِرَفِيَّةٍ عاليةٍ، خاصّةً وأهلُنا في فلسطينَ كُلِّها يتعرّضونَ لأبشعِ صُورِ احتلالٍ عَرَفَتها البَشريَّة، المَدنيينَ في قِطاعِ غزّة يُقتَلونَ مُنذ 236 يَومًا في حربِ إبادةٍ وتطهيرٍ عِرقيِّ على يَدِ التّطرُّفِ الإسرائي،ليّ المُعادي للإنسانيّة، بَينما جُهودُ الجيشِ العَربيِّ في إغاثةِ الإنسانِ الفلسطيني مُستمرّةٌ رُغمَ كُلِّ التّعقيداتِ السّياسية، ومن هذا المَقامِ نؤكِّدُ على مَوقفِ كنيسَتِنا الدّاعمِ لحقِّ الشّعبِ الفلسطينيّ في الحياةِ على أرضهِ بحقوقٍ كاملة، ونُحيّي جُهودَ جلالةِ المَلك عبدالله الثّاني والحُكومةِ الأردنيّةِ السّياسيّةِ والإنسانيّةِ الدّاعمةِ لفِلسطين.
وفي الختامْ - فالإستقلالُ ليسَ مُناسبةً شفهيَةً واحتفاليةً، بل سؤالٌ أمامَنا: ماذا قدّمنا كمواطنينَ لبلدٍ قدّمَ لنا؟ الإستقلالُ هو العَملُ المُخلِصُ المُفضي إلى الإنتاج، والالتزامِ التّامِّ بالأنظمةِ والقوانين، واحترامِ القيادة، وإنَّ لنا في جيشِنا وكلِّ المُخلِصينَ في مُجتمعنا مِثالاً على ذلك.
وإذ نَنتهزُ فُرصةَ حُضورِ هذهِ الكوكبةِ الغاليةِ مِن كِبارِ ضُبّاطِ الجيشِ العَربيّ القوّاتِ المُسلّحةِ الأردنيّةِ والأمنِ العَامّ، نَرفعُ لمقامِ المليكِ الوَصيّ على مُقدَّساتِنا الإسلاميّةِ والمَسيحيّةِ في القُدس جَلالةِ المَلكِ عبدالله الثّاني ولوَليّ العَهدِ صاحِبِ السّموِّ المَلكيّ الأمير الحُسين ولسُموِّ الأميرِ غازي كبيرِ مستشاري جلالةِ الملكِ للشّؤونِ الدّينيّةِ والثّقافيّةِ أجملَ التّهاني والأمنياتِ الطّيّبة، ونحنُ هُنا باسمِ مُطرانيّةِ الأردنِّ للرّومِ الأرثوذكس المَقدسيّة، وبكلِّ ما تُمثِّلُ مِن أديرةٍ وكنائِسَ ومَدارسَ ومُؤسّساتٍ وكَهنةٍ ورُهبانٍ وراهباتٍ وبناتِ وأبناءِ رَعيّتِنا الغالية، واقفينَ خلفَ أبانا غبطةَ بطريركِ المَدينةِ المُقدّسةِ كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثّالث مُجدِّدينَ البَيعةَ للعرشِ الهاشميِّ المُفدّى. كلَّ عامِ وأنتم والأردنُّ بخير.
شارَكَ في الخدمَةِ جمع مع الأباء الكهنة والشمامسة بحضور العميدِ د. يوسف زريقات ممَثِّلًا هيئةَ الأركانِ المُشترَكَةِ والعميدِ عاهد عبدالرحيم الشرايدة ممَثِّلًا عطوفةَ مديرِ الأمنِ العامِّ وكوكبَةً من كِبارِ ضُبّاطِ القوّاتِ المسلَّحةِ الأردنيّة، الجيشَ العربيّ والأمنّ العامّ وعددٍ من الدبلوماسيّينَ ووزراءَ وأعيان ونواب وشخصيّاتٍ رسميّةٍ وعامَّةٍ وسَطَ جمهورِ المؤمنينَ وأبناءِ الرّعيّة.
بعد انتهاءِ القدّاس توجَّهَ الجميعُ إلى قاعة الكنيسة بموكبٍ رسمي مهيب حيثُ عرضت في قاعة الكنيسة فقرات موسيقية وفنية قدمتها موسيقات القوات المسلحة - الجيش العربي إحتفالاً باستقلال الأردنّ