الرهان على المواطن .. حزبيا ونيابيا .
د هايل ودعان الدعجة .
لا شك ان الاحزاب السياسية بحلتها الجديدة امام تحدي اثبات حضورها في المشهد السياسي الاردني بحلته الجديدة هو ايضا ، المعزز بمنظومة تحديث سياسي يراد منها الانتقال بهذا المشهد الى مستويات طموحة يمكن معها مواجهة التحديات والظروف الصعبة التي تعاني منها المنطقة ، والتي انعكست على بلدنا ، الذي بات بحاجة الى روافع اصلاحية تجعله قادرا على مواجهتها . وبدا ان هناك قناعة باهمية تطوير اداء مؤسسات الدولة على اسس برامجية مؤسسية تقودها الاحزاب ، التي ستكون امام تحدي اثبات وجودها من خلال اقناع المواطن بجدوى دوره ومشاركته باحداث التغير المنشود . هذا المواطن الذي يمر الان بمرحلة من فقدان الثقة بمؤسسات الدولة وبالادوات الديمقراطية من مجالس نيابية وانتخابات واحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وغيرها ، لم تقوى على شق طريقها في كسب ثقته وهو يراها تسبح في عالم من الشعارات والاداء الهابط تقوده مجموعة من الافراد لم تعرف من الديمقراطية وادواتها الا انها وسيلة لتحقيق مصالحها الخاصة ، بصورة جعلتها تسلك طرقا ملتوية في سبيل الوصول لها وتحقيقها . فكان الثمن فقدان الثقة الشعبية بكل شيء مرتبط بالانتخابات ان كانت نيابية او بلدية او مجالس محافظات ، خاصة وهذه النوعية المتطفلة على العمل السياسي والنيابي تسعى الى اعادة انتاج نفسها ومن بوابة الاحزاب التي لم تؤمن بها يوما هذه المرة .
ولأن الرهان في تصويب هذا الوضع السلبي يتوقف على المواطن نفسه ، فانه مطالب بالتحلي بالمسؤولية الوطنية من اجل تغيير هذه الصورة السلبية عبر مشاركته الفاعلة بكل القنوات والادوات الكفيلة بذلك من انخراط بالاحزاب ومشاركة بالانتخابات لتكون له كلمة في افراز المجالس النيابية القادمة التي تمثل الترجمة الفعلية لمخرجات منظومة التحديث السياسي تحديدا على اسس حزبية برامجية مؤسسية وصولا الى الحكومات الحزبية التي تمثل الغاية المرجوة من عملية التحديث ، بحيث لا يترك هذا المواطن الساحة لاصحاب الاجندات الخاصة لتلتف على الاحزاب والمجالس النيابية بطريقتها الخاصة التي تعمد الى تعبيدها بالمال الاسود او ما شابه طمعا في الوصول الى مراكز ومواقع مسؤولية في الدولة ليست اهلا لها ، ولتحرفها عن مساراتها الوطنية عبر التعاطي معها كاجواء اجتماعية وبرستيج ومناسبات ولقاءات وسفرات على حساب مصالح الوطن . مما يتطلب من هذا المواطن الايمان باهمية دوره في قيادة منظومة التحديث عبر التوجه الى صناديق الاقتراع وبقوة ليتمكن من افراز شخصيات وطنية قادرة على التعاطي مع تحديات المرحلة ومتطلباتها بحس وطني مسؤول وحتى يفوت الفرصة على اصحاب الاجندات الخاصة الذين فرضوا عليه مجالس نيابية على مقاساتهم تتناسب ومصالحهم ، وذلك عندما ترك الساحة الانتخابية لهم ، ظنا منه بانه باستنكافه عن ممارسة حقه الانتخابي يعطل الانتخابات ويمنع تشكيل المجالس النيابية ، دون ان يدرك انه بهذا الاستنكاف وتخليه عن ممارسة دوره الوطني في المشاركة في الانتخابات وبالتالي في عملية صنع القرار وادارة الشأن العام ، سمح لغيره بان يفرض عليه مجالس نيابية ، لتقر قوانين وتشريعات وتتماهى مع سياسات وقرارات حكومية ستطبق عليه بغض النظر عن موقفه منها ، وذلك لانه اختار الوقوف جانبا مفسحا المجال للاخرين بان يمروا ويتحكموا بشكل المشهد السياسي والحزبي والنيابي ، الذي سيضطر الى العيش معه رغم انه من انتاج غيره ، ليأخذ مكانه السلبي المتوقع في هكذا حالات ، مكتفيا بتوجيه الانتقادات والاحتجاجات والاعتراضات دون جدوى . دون ان نغفل ايضا انه بتخليه عن المشاركة في الانتخابات ساهم بتقليل نسبة الاقبال على صناديق الاقتراع بصورة عززت من فرص نجاح الفئة القليلة من اصحاب الاجندات والمصالح من الوصول الى البرلمان ، والتي ما كان لها ان تصل لو انه شارك وساهم برفع هذه النسبة التي من شأنها تقليل فرص هذه الفئة بالفوز بمقاعد نيابية والتواجد تحت القبة . فكلما زادت نسبة المشاركة والاقبال على الانتخابات قل تأثير الاصوات التي يعتمد ويراهن عليها مرشح المال الاسود والاعتبارات المصلحية في الفوز والحصول على مقعد نيابي . في مقابل تعزيز فرص فوز الاكفأ والاجدر الذي يخوض الانتخابات لاعتبارات وطنية خالصة . مما يعني ان الذي يتحكم بشكل المجلس النيابي ونوعيته وادائه هو الناخب اولا واخيرا .
ومع فتح المجال امام الاحزاب لدخول المعترك البرلماني من اوسع الابواب ، لضمان الانتقال بالاداء النيابي الى مستوى العمل الحزبي البرامجي المؤسسي ، ترجمة لمخرجات منظومة التحديث والاصلاح ، يصبح المواطن مطالبا باغتنام هذه الفرصة عبر التفكير الجدي بالانخراط بالعمل الحزبي والتعاطي معه كاداة وطنية يعول عليها في احداث التغير المنشود ، بما يضمن الارتقاء باداء مؤسسات الدولة الى مستويات متقدمة وطموحة كفيلة باستعادة ثقته بها .