‏انت اردني؟ من حقك أن تسأل وتشعر بالقلق

{title}
أخبار الأردن -

‏حسين الرواشدة 
‏أنت أردني؟  من حقك ، إذاً ، أن تسال : هل يوجد دولة ،في محيطنا العربي والإقليمي ، تسمح لأحد- مواطنا أكان او مقيما -  أن يسيء إليها ، ويشكك في مواقفها ، ويجرح رموزها ، ويفتري عليها ؟ هل سمعت عن نخب سياسية تهرب من قضايا بلدها،  ثم تستقوي عليه،  وتحتشد خلف أي أجندة خارجية،  فتصبح قضيتها الأولى ، وتحاول أن تدفع الدولة إلى تبنيها والانصهار فيها ؟ هل خطر في بالك أن تصبح متهما او موسوما بالعار ، إذا قلت كلمة تدافع بها عن وطنك ، وتُحذر من الذين يتسابقون لاغراقه بالفوضى،  أو من الآخرين الذين يريدون أن يقحموه في أُتون الحروب المستعرة؟ 
‏أكيد ، تشعر بالقلق والمرارة حين تبحث عن " مساند" وطنية تقف مع الدولة لمواجهة الأخطار التي تستهدف زعزعة أمنها واستقرارها ، فلا تجدهم ولا تسمع لهم صوتا ، أو حين تدقق في رحلات المسافرين إلى الخارج، فتكتشف وجهاتهم ، وتعرف الخزانات التي عبأتهم بالمعلومات الجاهزة،  ثم تتفاجأ (هل تتفاجأ حقا ؟)، بصراخهم على الشاشات الوطنية ، وهم يلقون دروسهم ومواعظهم على البلد ،،ويضعونه أمام خيارين : إما أن يكون معهم على جبهة النضال ، واما أن ينتظر "حفرة " أعمق من "حفرة "غزة.
‏أنت اردني؟ لا أحتاج لتذكيرك بتاريخك الوطني المشرف، بالآباء والأجداد الذين بنوا البلد بدمائهم وتضحياتهم وعرقهم وتعبهم،  بجيشك العربي وبطولاته وشهدائه،  بالنشامى الذين يحرسون أمنك ويحافظون على حياتك وكرامتك ، كل هذا تعرفه،  ويجري في عروقك، أُذكرك ، فقط ، أن أمانة الوفاء للأردن ، ولهؤلاء كلهم ،  تفرض عليك أن تفتح عينيك على ما يدور حولك ، وأن تستيقظ من نعاس الشعارات التي يحاول البعض أن تبقى غارقا فيها ، لكي يستفردوا بك ، و يأخذوك إلى دروب مجهولة ، جربنا بعضها  فيما مضى ، ونرى نسخها الأخرى ، الآن، ماثلة أمامنا على هيئة دمار وخراب، 
‏أنت أردني ؟ اضبط ساعتك وبوصلتك وكل حركة فيك على عنوان واحد اسمه" الأردن "، لا يوجد أي عنوان آخر يمكن أن تذهب إليه ، أو أن يفتح أبوابه لاستقبالك ،  تحرر من كل الأساطير التي يروج لها الانتهازيون للصعود على ظهرك إلى حيث حساباتهم ومصالحهم ، حين يقولون لك : "اركب معنا"،  قل لهم : هذا الوطن العزيز ليس مطية لأحد ، ولا قاربا للعبور إلى الخنادق والبنادق والفنادق التي نعرفها ، ولا نريد أن نستدعيها لذاكرتنا المتعبة من الخيبات،  او نسمح لزبائنها أن يكرروا  علينا رواياتها المسمومة. 
‏أنت أردني ؟ وعربي ، مسلم أو مسيحي، أيضا ، وإنسان ، لكن لا يمكن أن تشعر بكرامتك الا في دولة ووطن ؛ دولة تحرص على أن تكون قوية ، وترفض أن يستضعفها أي احد،  لا بأس أن تنتقد أداء اداراتها ،  وتنصح المسؤولين فيها ، وتكشف أخطاءهم،  لكن إذا دقت الأزمة اجراسها ،  لا يجوز أن تنهش جسدها ، أو تنحاز لغيرها،  أياً كان ،،  أما الوطن فهو سر وجودك ، ومصدر عزيمتك،  ومثواك في الحياة والممات،  لا شيء يستحق التضحية سوى الوطن ، ولا احد يعرف قيمة الوطن اكثر من الذين افتقدوه،  وضربوا خيامهم في الغربة ، فاحذر  أن يُغرينك احد ،تحت أي عنوان ، بالإنضمام إلى هذه القوافل المكلومة.
‏أنت أردني ؟ دعهم يقولون عنك أي شيء ؛ عنصري لا بأس ، رجعي لا بأس أيضا ، لقد قالوها سابقا ، ولم يستدرجوك للعبة محاور الصمود ، وتحالفات الممانعة،  التي خربت الأوطان  ، وغدرت بالحلفاء ، أُثبت على طريقك ، وخلف قيادتك،  ومع الأردنيين الذين ما باعوا،  ولا اشتروا الأكاذيب ، لتحافظ على الأردن الذي ما زال صامدا أمام "حفرة الانهدام " ، الأردن الذي ما خان ولا  هان،  ولا تخاذل عن نصرة أخ مظلوم ، او شقيق منكوب،  ولم ينتظر شكرا  أو امتنان ، هذه هي بوصلة الأردنيين ، وهذه خياراتهم أيضا.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير