الوعي من أجل الوطن
د. أمين المشاقبة / الجامعة الأردنية
أننا أمام مشروع صهيوني كبير ومرسوم بدقة متناهية يستهدف فلسطين والأردن معاً ، فالحلم الصهيوني يتأكد من خلال التصريحات التوراتية التي تتحدث عن "أارض اسرائيل" من النيل الى الفرات. فالحلم الصهيوني يسعى للتركيز على يهودية الدولة بكل الوسائل ، ولا مكان لأحد غير اليهودي أن يعيش ما بين النهر والبحر كمرحلة أولى، وما الممارسات الجارية في القطاع والضفة الغربية إلا من هذا الباب، فالسلوك السياسي والعسكري ليس صدفة، تدمير غزة بالكامل وتهجير الشعب من الشمال إلى الجنوب ومحاصرته وتكبيده الخسائر والتجويع يهدف بالنهاية الى التهجير والتخلص من هذة الكتلة البشرية. وما يجري في الضفه الغربية الآن من الاقتحامات، والاعتقال، والقتل، وهدم المنازل وبناء المستوطنات، ووحشية ممارسات المستوطنين ضد الفلسطينيين ماهو الا جزء من هذا المخطط الرسوم.
إن المجازر، والذبح دون تمييز ، والإبادة الجماعية هي ديدن تيار الصهيونية الدينية. يقول جابوتنسكي " الصهيونية مغامرة استعمارية، وبالتالي فهي تصمد أو تسقط في سياق القوة المسلحة، من المهم البناء، من المهم التحدث باللغة العبرية، ومن المهم للغاية أن تكون قادراً على إطلاق النار". ويقول "ضفتان للأردن هذه لنا وتلك أيضاً )) أمام هذه الأيدلوجيا الصهيوينة التوراتية ، أين نحن من ذلك ؟
نعم، إن هناك تهديد واضح في هذا الفكر تجاه الأردن. فمبدأ الترانسفير وارد في العقل اليهودي لحل المسألة الفلسطينية. وبالعودة إلى التاريخ فقد شهد شرق الأردن في الفترة الواقعة ما بين ( ۱۸۷۰ - ۱۸۷۹) ثلاث محاولات استيطانية شرقي جرش شمال نهر الزرقاء، والبلقاء جلعاد، انتفض الأهالي في ذلك الوقت وقاموا بإحراق المستوطنات وطرد من فيها، ناهيك عن محاولات شراء الأراضي في الثلاثينات من القرن المنصرم التي باءت بالفشل، فالتهديد لازال قائماً بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ، أو خلق فوضی خلاقة شاملة واستغلالها لتنفيذ الأطماع والمآرب. أن أولى المصالح الوطنية العليا هو الحفاظ على الأمن والاستقرار الأردني، وقوة الدولة الوطن تنبع من تعزيز الجبهة الوطنية الأردنية الداخلية، وتعزيز قوة المؤسسات العسكرية والأمنية واسنادها وعدم فسح المجال للإشاعات والمشككين بقدرة ومواقف الوطن الدولة. هناك أصوات ناعقة تبث السم في ثنايا المجتمع من الداخل والخارج. نحن في الأردن مع اقامة دولة فلسطينية مستقلة على تراب فلسطين وعاصمتها القدس ، نحن في الوطن نعزز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، ويعز علينا استشهاد أي فلسطيني، وينفطر قلب كل اردني لما يجري في القطاع والضفة، ولم نكن يوماً إلا مع فلسطين وأهلها ، تقاسمنا معهم لقمة العيش واصبح المصير واحد، هم جزء منا ونحن جزء منهم، ولا يمكن للأردني ان يكون غير ذلك ، والذي قدم لفلسطين واهلها اكثر منا فالينطق !
أننا أمام مؤامرة دنيئة، وخسيسة تطال الجميع، ويتطلب ذلك أعلى درجات الوعي والادراك لما يحاك علناَ وما علينا الا ان نكون في خندق الوطن ضد هذا الذي يحاك ، إن قوة الوطن تكون بالوحدة والتلاحم للدفاع عن الوطن قولاً وفعلاً، وإننا ضد كل من يغرد خارج سرب الوطن الأردني، مائة عام ويزيد من عمر الدولة الوطن وهو يزداد صلابة ومرت عليه الاحداث تلو الاحداث ويخرج منها اقوى مما مكان.
هذا هو الأردن الوطن الذي قدم الشهداء تلو الشهداء لحماية الوطن والقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي هي شأن داخلي قبل ان تكون شأناً خارجياً.
إن التهديدات ماثلة أمام أعيننا، .فهؤلاًء لا يحترمون المواثيق والعهود وقادرين على انتهاك أي اتفاقية من أجل مصالحهم وطموحاتهم ، ولذا علينا ان نكون في صف الوطن الدولة والكل يعرف من هم الاردنيين في الأزمات!