نُصرّ على أن يكون بلدنا بخير

{title}
أخبار الأردن -

حسين الرواشدة 

هل الأردن بخير؟ 
نعم ، بلدنا بخير ، ليس على سبيل المجاز ،وإنما الحقيقة والواقع ، نظرة واحدة للمحيط من حولنا الذي غرق بالفشل والفوضى والدم، تكفي لاكتشاف ذلك ، نظرة أخرى لما أنجزنا -على تواضعه – تكفي للاحساس بالأمل والاستبشار بغد أفضل، جردة حسابات بسيطة لما يمكن أن نفعله ونحن غارقون بالسواد ، ومشغولون بتوزيع الاتهامات على بعضنا ، تكفي لمعرفة المصير السيئ الذي ينتظرنا، إذاً ، نحن محكومون برؤية الخير في بلدنا، واستعادة الأمل بغدنا، والخروج من حالة التمنع عن الحركة والإنجاز، والاستغراق في جلد الذات، وتداول صرخات التشكيك والتيئيس ، لأن عكس ذلك يعني أننا نحكم على بلدنا بالسوء، ونحفر قبورنا بأيدينا لا سمح الله .

صحيح ، يمكن أن أسجل- هنا -عشرات الأمثلة على أخطاء وقعنا فيها ، الدولة والمجتمع معا، وأن أشير إلى “خزانات “من المظلومية ، وافتقاد العدالة ، وغياب الحس العام بالناس لدى بعض المسؤولين ، يمكن -أيضا – أن استغرق ،وغيري كثيرون ، في حالة الإحباط الشخصي ، وأتساءل عن الاسباب التي دفعت ابنائي للهجرة إلى الخارج بحثا عن عمل، او عن عدم قدرتي على توفير فرصة عمل لأبنائي الآخرين الذين تخرجوا من الجامعات منذ سنوات ، فيما غيرهم من أبناء الذوات ” يتبرطعون” في مواقع برواتب عالية ، يمكن -ثالثا – أن أُوسع فتحة الفرجار لوصف حالة مجتمعنا تبعا لمؤشرات الحريات العامة ، أو الفساد والشفافية، أو الاقتصاد .. الخ، أكيد سنجد عشرات السلبيات والأخطاء ،والعقبات والانسدادات ، والخيبات أيضا .

هذا ،بالتأكيد، جزء من الصورة العامة ، وهي لا تقتصر على بلدنا فقط ،ففي معظم دول العالم ، وفي محيطنا تحديدا، يوجد مثلها ، وربما أكثر، عواصم سقطت ، أخرى تترنح سياسيا واقتصاديا، لكن ثمة أجزاء أخرى نتواطأ على إخفائها ، او التغطية عليها، أو عدم الاعتراف بها ، وهي تمثل مقولة كان آباؤنا يرددونها دائما عندما يُطلب منهم أي شيء ،”عيّن خير ” ، يعني أن محطات من الخير أمام عيوننا ، وإن كان بعضنا لا يراها ، أو لا يريد أن يراها، وهي مقولة تعكس حقيقة الأردني الذي ينظر لبلده نظرة الخير دائما ، حتى لو كان يمر بأصعب الظروف .

أدرك ، تماما ، أن وراء عملية التحطيم النفسي والمعنوي التي يتعرض لها مجتمعنا فاعلون ،من أبناء جلدتنا ومن خارجها ، وأنها ليست صدفة أبدا ، وأدرك ،ثانيا ، أن ما جرى تمّ بالتوازي مع إرباك مؤسساتنا العامة، و تجريدها من دورها ، وافقاد ثقة الأردنيين بها ، وأدرك، ثالثا ،أن النخب الوطنية انشغلت بصراعاتها على ” الكعكة “، او تقمصها لحالة الحرب، ولم تنتبه او تخصص جزءا من جهدها لكسر حالة العجز والخوف التي يعاني منها مجتمعنا، وبالتالي امتدّ العجز والتمنع عن المشاركة والعمل والإنتاج ، من إدارات الدولة إلى عموم الناس ، ثم ولّد ما نعانيه من إحساس بانعدام الأمل بالمستقبل .

مع ذلك ، لابد أن نستدير للداخل ، ونحرك عجلة الحياة والعمل والإنتاج ، ونصرّ على أن بلدنا بخير ، و أنه يمتلك كل مقومات النهوض والتعافي ، ما نحتاجه هو إحياء الهمة الوطنية ، وإشاعة روح التفاؤل والاعتزاز بالذات الوطنية الأردنية ، وهذا لن يتم إلا إذا تحررنا من عقدة العجز والتمنع عن العمل ، ومن التشكيك وتبادل الاتهامات ، واللطم بالايدي والأقلام ، ومن الكراهية التي ازدحمت أسواقها بأعداء النجاح والإنجاز .

هذا بلدنا، ويجب أن نزرع فيه طاقات الخير، لكي يحصد أبناؤنا ثمراتها ، وإلا فنحن الأردنيين ،ادارات عامة ومواطنين، بلا استثناء ، نتحمل مسؤولية أي فشل ، أو خيبة ، قد تصيبه لا قدر الله.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير