غياب النص والحضور التمثيلي.. خبراء يكشفون أسباب تراجع الدراما الأردنية
عماد عبدالكريم
أكد خبراء ومهتمون بالشأن الفني والإنتاج الدرامي أن الدراما الأردنية لم تقدم أي جديد او تشهد أي تطور منذ سنوات، مشيرين إلى أن الدراما الأردنية لن يسطع نجمها ولن تنافس غيرها من الدراما وذلك لأسباب عديدة.
حديث الخبراء جاء بعد حالة السخط والانتقاد التي لحقت بالدراما الأردنية هذا الموسم بشكل غير مسبوق، بعد فشل الأعمال الفنية في الحضور على الشاشات سواء المحلية أو العربية .
ويرى خبراء أن غياب القصة أو النص المشدود والتمثيل المعبر الصادق والمقنع للأحداث بصورة محترفة وفنية مميزة تحاكي الواقع التاريخي للدولة الأردنية ومنجزاتها وبطولاتها وانتصاراتها العسكرية أو مسلسلات تلامس الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع كانت أبرز الأسباب في تراجع الأعمال الفنية والدراما الأردنية هذا الموسم.
الدراما الأردنية لم تستفيق أو تشكل نفسها منذ سنوات
من جهته اعتبر المخرج والإعلامي سامر خضر أن الدراما الأردنية لم ترتقي منذ سنوات لا لعصب المشهد اليومي في الشارع الأردني ولا لطموحات شبابه أو أجندات تاريخه أو حتى استشراف المستقبل .
وأضاف في تصريحات لـ "أخبار الأردن" أنه على الرغم أن الدراما الأردنية كانت تشكل حضور مميز محليا وعربيا في الثمانينات الا أنها بعد أزمة التسعينات لم تستطيع أن تستفيق أو تشكل نفسها وذلك لأسباب تتعلق بعدم الدعم من الدولة بشكل مباشر سواء دعم العمل الدرامي او الفنان او النص الذي يتم إنتاجه.
وأشار إلى أن هذا التراجع من كافة المستويات اوصل الفنان الأردني إلى حالة من الإفلاس الفكري والمادي، لأن أعماله لم تكون على طاولة القنوات الكبيرة ولم يطور الفنان أدواته حتى يصبح له مواصفات النجومية العربية وظلت مقصورة على الداخل الأردني باستثناء بعض المحاولات في الأعمال البدوية.
وبين أن العديد من المشكلات تواجه الدراما الأردنية من أبرزها وجود النص المتقن والشروط الإنتاجية سوى في القطاع العام أو الخاص إذ تخضع لمعايير لحظية والتفكير في الخسارة والربح وإنقاذ العمل من الخسارة .
واضاف أن سوق التوزيع يعد من أسباب تراجع الدراما لأنه محدود جدا حيث أن كل من لا ينتج اللون البدوي يدخل في مخاطرة كبيرة، كذلك المشكلة في تصدير الوجوه الجديدة رغم أن الجامعات تُدرس التمثيل والمسرح والأخراج، الا أن المشكلة أو الهاجس الذي يسيطر على الطلاب هو البحث عن الوظيفة الحكومية غير المرتبطة بالتخصص .
نقابة الفنانيين والدور الغائب
وانتقد خضر النظام الداخلي لنقابة الفنانين الأردنيين مؤكدا أن معايير اختيار أو منح لقب فنان تقوم على تقديم خمسة اعمال فقط وهذا بحد ذاته مقياس في غير عادل وفيه كثير من العبثية.
وطالب بضرورة أن تعود النقابة إلى الانتاج وليس فقط ان تنحصر مهمتها في إدارة المهنة وان تراعي أن تكون جهة منتجة لتكوين النموذجية في العمل الدرامي.
وأشار إلى أهمية أن تتوفر المهن المساعدة في العمل الدرامي من تصوير والموسيقى التصويرية وغيرها لما تقدمه من ابداعات وتسويق العمل الدرامي وتكشف ما لدينا من ابداعات وجمال سياحي في مواقع التصوير.
وقال "أنا أجزم كوني أتنقل كثيرا بين العواصم العربية أنه لا ذكر للفنان الأردني أو الدراما الأردنية في أي جلسة إنتاجية باستثناء الأعمال البدوية وليس جميعها طبعاً ، في حين نشاهد كثير من المنصات العالمية قد استعانت بالأردن لتصوير مشاهد أو حلقات لأعمال فنية ودرامية ومن دول عربية تشهد نجاحاً كبيراً في مجال الأعمال الفنية والتمثيل، وقتها كنا نرى الأردن في كاميرات الآخرين تكون أكثر جمالات وابهارا مما ترها في عدساتنا وهذا سؤال كبير نعجز على الإجابة عليه".
وختم حديثه كنا نأمل أن نشاهد أعمال مميزة هذا العام خاصة تلك التي تناولت جوانب تاريخية وعسكرية من عمر الدولة الأردنية، لكن النتيجة جاءت بعكس كل التوقعات للآسف بسبب التفرد وغياب العمل المؤسسي والمنهجية.
عزوف عن الإنتاج
من جهته اعتبر الناقد السينمائي ناجح حسن أن الدراما الأردنية حققت نقله وقفزة نوعية خلال الفترة الماضية وتحديداً منذ السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي وذلك لأسباب متعددة منها النصوص المكتوبة للعمل والمبدعين من فنانين في ذلك الزمن .
واضاف في تصريحات لـ "أخبار الأردن" لقد تحققت إنجازات الدراما الأردنية خارج الأردن أيضا وشكلت حالة شغف لدى كثير من الدول العربية لاستقبال وبث المسلسلات الأردنية.
وبين أن هذه الحالة استمرت حتى التسعينات التي بدأت فيها الدراما الأردنية بالانتكاسة بسبب هجرة كثير من رأس المال الأردني الذي كان ينتج الدراما، كما وعزفت بعض المؤسسات الرسمية عن الإنتاج وتم انتقال للكفاءات إلى دول الخليج العربي وعادت الينا الدراما بشكل أو بآخر إنتاج جديد وهوية جديدة وخطاب درامي وفكري جديد .
وأشار إلى أن الدراما الأردنية غاب عنها التمثيل الصادق المعبر والمقنع للأحداث التي عايشها المشاهد إضافة إلى غياب الحكاية والقصة المشدودة التي تشوق المشاهد ، مشيراً إلى أن أغلب الأعمال اليوم تقوم على إنتاج أعمال طويلة بلا مبرر وخيال محدود وأفق قصير، وهذا شكل حالة صد لدى الجمهور عن هذا الأعمال والتوجه إلى أعمال عربية وشاشات أخرى.
وجوه جديدة... أداء باهت لا يرقى للنجومية
وأشار حسن إلى وجود موجات كثيرة من الممثلين الجدد والتي تحولت من المسرح إلى التمثيل الدرامي لكن أداءها كان باهت وضعيف، في حين أن الاسماء القديرة لم تعد تصلح لأداء الأدوار الحالية والرهان كان على الجيل الشاب الذي للأسف غير مهتم بالظهور والنجومية .
وبين أن عدم الاهتمام بالدور المقدم من الممثل والتمكن من النص الذي يقدمه أو تطوير أدواته التمثيلية لن يمكنهم من الدخول الى قلب المشاهد.
المسلسلات التاريخية تشكل مرجعيات ترسخ في اذهان الناس
وفي مقال للمحلل السياسي الدكتور زيد نوايسة تحت عنوان مسلسل المشراف وغياب التفاصيل الجوهرية قال فيه إن المسلسل الذي يجسد بطولات الجيش العربي الأردني في معركة الكرامة الخالدة ويحظى بمتابعة كبيرة من الأردنيين، وبنفس الوقت ينال العديد من الانتقادات المهمة التي يجب التوقف عندها؛ لأن مثل هذه الاعمال تشكل مرجعيات ترسخ في اذهان الناس ويجب أن تقدم بحرفيه.
واضاف في مقالته "كان من المأمول أن يرقى العمل لبطولات الجيش وتضحياته لما يشكل في وجدان الأردنيين وذاكراتهم من مكانة استثنائية وخاصة معركة الكرامة التي جاءت بعد نكسة حزيران، واعادت للجندية العربية ثقتها ولكن يبدو أن مشكلتنا دائما في الاستعجال وأحيانا التقليد المتسرع وغير المتقن ولعل الإخفاق في تقديم المشهد الأبرز وهو بطولة الشهيد خضر شكري يعقوب خير دليل على ذلك.
وقال إن لدينا مشكلة في الجراءة في تقديم نماذجنا الوطنية المشرفة سواء في كتابة النصوص أو في انتاج اعمال تلفزيونية بمستوى عالي درامياً من ناحية الأداء ومن ناحية توظيف الاموال بسخاء ويبدو اننا لم ندرك بعد أن الدراما التلفزيونية أصبحت اليوم سلاحاً يفوق في تأثيرها سلاح أدوات الاعلام والثقافة التقليدي".