عجز الموازنة الكلي
سلامة الدرعاوي
وهنا أقصد بعجز الموازنة الكلي هو العجز المجمع لكل من موازنة الدوائر الحكومية مضافًا إليه عجز الوحدات الحكومية أو ما يُعرف اصطلاحًا بالمؤسسات المستقلة، والتي تعتبر جزءًا أساسيًا من موازنة الدولة مثلها مثل الموازنة المركزية، فلا فرق بينهما.
بداية، يبلغ عجز الموازنة للحكومة المركزية 2.068 مليار دينار، وهو يشكل ما نسبته 16.7 % من موازنة الحكومة، وهو رقم مشابه لنفس رقم عجز ميزانية 2023 التي قاربت على الانتهاء.
لكن هناك عجز آخر في موازنة الوحدات المستقلة التي بلغ عددها الآن 25 وحدة، والتي باتت جزءًا من كتاب مشروع قانون الموازنة العامة ولم تعد مشروعًا منفصلًا ضمن مالية مستقلة. فالدمج حصل ضمن مشروع قانون الموازنة العامة من خلال بندين منفصلين.
عجز الوحدات المستقلة للسنة المقبلة يبلغ 809 ملايين دينار، وهو يشكل ما نسبته 48 % من موازنة تلك المؤسسات البالغة 1.662 مليار دينار.
بهذا الرقم الأخير، يبلغ العجز الكلي المجمع في موازنتي الوحدات المركزية والمستقلة حوالي 2.877 مليار دينار، وهو ما يمثل نسبة تقريبية تصل إلى حوالي 20.5 % من إجمالي نفقات الدولة خلال العام المقبل والبالغ مجموعها لكل من الوحدات المركزية والمستقلة حوالي 14.033 مليار دينار.
رقم العجز المجمع الكلي البالغ 2.877 مليار دينار هو عجز الموازنة الحقيقي الذي تلتزم الحكومة تجاهه في سداداته وتغطيته بكل الوسائل، وأبرزها الاقتراض الداخلي والخارجي.
من الواضح أن رقم العجز الكلي المجمع كبير جدًا بالأرقام المطلقة والنسبية أيضًا، والملفت في الأمر هو أن عمليات الدمج للمؤسسات المستقلة التي حدثت خلال السنوات السبع الماضية ولغاية الآن، والتي أسفرت جميعها عن تقليص عدد تلك المؤسسات من 65 مؤسسة في نهاية 2016، إلى 25 مؤسسة مستقلة في موازنة 2025، لم تنعكس على الأداء المالي لتلك المؤسسات التي كانت كل عمليات الدمج تهدف أولًا وأخيرًا إلى تقليص نفقاتها وزيادة ربحيتها أو قوتها المالية.
بالعكس، المفاجأة السلبية التي كشفها مشروع قانون الموازنة للعام المقبل هي أن عجز تلك المؤسسات ارتفع من 790 مليون دينار تقريبًا في سنة 2023 إلى 809 ملايين دينار للعام المقبل، أي أن عجز موازنة المؤسسات المستقلة يزداد من عام لآخر مع تقليص عدد تلك الوحدات، وبالتالي لا يوجد أي جدوى اقتصادية أو وفورات مالية تحققت من جراء عمليات الدمج التي تمت.
بمعنى آخر، لو بقيت أعداد المؤسسات المستقلة بشكلها السابق الكبير (65 مؤسسة) لكانت الخسائر المالية على الموازنة أقل من عددها الحالي (25 مؤسسة) مع كل أسف.
للعلم، كان عدد المؤسسات المستقلة في عام 2002 حوالي 35 مؤسسة تدر وفرًا على الخزينة يبلغ 126 مليون دينار، بينما هي اليوم تحقق عجزًا يقارب الـ 809 ملايين دينار.
الملاحظ أن غالبية العجز المالي للمؤسسات المستقلة هو وليد مؤسستين فقط، وهما سلطة المياه وشركة الكهرباء، اللتان يتجاوز عجزهما الكلي 850 مليون دينار، وأسبابه معروفة للجميع ولا داعي لذكرها في هذا المقال.
يتضح مما سبق كله أن العجز الفعلي الذي تلتزم الحكومة بسداده يمثل مبلغًا كبيرًا ويتنامى من عام لآخر، وهو ما يستوجب تحركًا رسميًا ومعالجة فورية للحد من نموه الذي يستنزف موارد الدولة ويزيد من مديونيتها، ولا يكون هذا إلا من خلال إدارة رشيدة وحصيفة لملف الدين وضبط حقيقي للنفقات العامة.