‏هذه الاعتبارات تحسم موعد الانتخابات

{title}
أخبار الأردن -

 

حسين الرواشدة
‏ما مصير منظومة التحديث السياسي،  وهل ستجري الانتخابات البرلمانية في موعدها ،نهاية العام القادم،  أم لا ؟ 
الإجابة على هذا السؤال تستدعي ،بالضرورة ، فهم خريطة الجبهة الداخلية التي كشفتها، أو صنعتها،  حالة التعاطي الشعبي مع العدوان على غزة،  هذه الخريطة الجديدة ،بما تضمنته من تضاريس سياسية واجتماعية ، ومن تعبئة واحتشادات،  ومحاولات لانبعاث الهويات ، أو ترسيمها،  ستشكل إفرازتها البرلمان القادم ، وبالتالي يمكن اعتبار حالة الشارع "بمثابة " بروفة لأي مقاربة تذهب باتجاه اعتماد الاستحقاق الانتخابي ، أو تأجيله. 
‏يمكن تفكيك هذه الخريطة ،بما يسمح به المجال من مصارحات،  أولا:  لقد ساهم الزخ السياسي والإعلامي ، الرسمي والشعبي ، بتغيير ات جوهرية في وعي الأردنيين واتجاهاتهم  ، ومزاجهم العام ؛ صحيح أن محرضات ذلك :  القضية الفلسطينية ، والعدوان على غزة ، والعلاقة مع إسرائيل ، لكن الصحيح أن مقاربات هذا الثالوث انصبت باتجاه مواقف الدولة وروايتها منذ 30 عاما ، ما يعني أن هذه التحولات في الوعي ستعكس نوعية خيارات الأردنيين اتجاه حجم المشاركة بالانتخابات ، واتجاه اختيار المرشحين ، أحزابا أو مستقلين. 
‏ثانيا: كشفت حالة التظاهر في الشارع عن بروز فاعلين في المشهد السياسي ،  اصبحوا مرشحين للحصول على الحصة الكبرى من حصاد الصناديق الانتخابية،  هؤلاء الفاعلون توزعوا على الترتيب بين الإسلاميين( الإخوان)،  وبين اليساريين والقوميين بدرجة أقل ، فيما حاولت الأحزاب الأخرى الوليدة أن تختبر حضورها في الشارع ، لكنها -في الغالب - فشلت في مواجهة المد الديني والأيدولوجي الذي استطاع توظيف الحدث الأكبر ، وانتزاع أصوات جمهور المتظاهرين في الشارع ، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ، ايضا. 
‏ثالثا : اتسمت حالة الشارع ، وتبعا لذلك المجتمع ، بالانفعال ، واحتكمت لردود الأفعال ، كما عكست أوزان وحيوية التكتلات الاجتماعية والسياسة ، فقد سقطت ،مثلا ، فرضية كتلة ال 70% المعطلة ، وفرضية استقالة اغلبية الأردنيين من المشاركة في العمل العام والانتخابات ، لكن اللافت ، ايضا،  أنها كشفت أن أسباب حركة هذه الكتلة  لا تتعلق بأولويات داخلية ، اقتصادية أو سياسية،  وإنما بقضية أكبر تتعلق بالعدوان على غزة وتداعياته،  كما أنها كشفت خطابا جديدا،  لا يتعامل مع الدولة وإنجازاتها ومواقفها كما يجب .
‏رابعا : صحيح ، إجراء الانتخابات البرلمانية،  على قاعدة مسار التحديث السياسي ، يشكل استحقاقا سياسيا يعكس قوة الدولة،  و إرادتها في تمكين المجتمع سياسيا،  وإصرارها على إعادة ترتيب الداخل الأردني لمواجهة التحولات والأخطار القادمة،  كما أنه يتيح المجال للأحزاب الجديدة لممارسة "التمرين " السياسي العملي لإنضاج تجربتها،  لكن الصحيح، أيضا، هو  أن إجراء الانتخابات في ظل بيئة سياسية واجتماعية معبئة،  أو مشغولة بالحرب واطرافها ، وما أفرزته من ظروف وحقائق جديدة ، يحتاج إلى جردة حسابات ومراجعات،  تبدأ باستثمار الاستنفار الشعبي ، وترشيد اتجاهاته،  وضبط حركة الفاعلين فيه باتجاه مصالح الدولة ، لا باتجاه استخدامه لمصالح فردية،  أو حزبية خاصة.
‏خامسا:  فيما مضى ، كان الصوت الانتخابي يُعبّر عن شبكة من الاعتبارات الاجتماعية أو المصلحية أو الدينية ، وكانت الاكثرية تعزف عن التصويت لأسباب عديدة ومفهومة،  الآن يبدو أن الصورة ستتغير،  الصوت الانتخابي سيتجه إلى هذه المسارات والاعتبارات بأوزان أخرى مختلفة ، كما أن جزءا من العازفين سيتحركون،  المهم هو  أن نضمن بأن تتم هذه التحولات في إطار إنتاج برلمان سياسي جديد ، يعكس حالة المجتمع الطبيعية ، ويمثل الأردنيين بشكل عادل ، ويفرز من المزاج العام المعبأ بالحرب وتداعياتها مزاجا وطنيا معتدلا ، يساعدنا في مواجهة المرحلة القادمة ، وما تحمله من مستجدات واستحقاقات كبيرة ، وربما خطيرة ، وإن كانت مازالت مجهولة .
كيف ؟ لا أدري ، الجواب لدى من يهمهم الأمر.
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير