هل ستدخل إيران الحرب؟

{title}
أخبار الأردن -

حسين الرواشدة

‏تنصرف دعوات ومخاوف امتداد الحرب الإسرائيلية على غزة ،وتوسعها إقليميا،  إلى عنوان رئيس ، وهو "إيران "، فهي تشكل اللاعب الوحيد والمؤهل لهذا الدور ، صحيح أن الموقف الذي أعلنه المرشد الأعلى للثورة ،في الأيام الأولى من اندلاع الحرب  ، يصبّ باتجاه " الحياد" وعدم المشاركة ، صحيح ،أيضا،  أن التصريحات التي رددها مسؤولون إيرانيون (آخرهم وزير الخارجية بعد لقائه نصر الله في بيروت)  أبقى الباب مواربا ،  والقرار معلقا، وذلك استنادا  إلى مدى تصاعد العدوان على غزة ، وحجمه وتداعياته،  ثم إلى دخول أمريكا على خط الحرب بشكل مباشر ، لكن الصحيح ،أيضا ، هو أن دخول طهران على خط الحرب ،بواسطة  أذرعها في المنطقة ، لا يرتبط فقط بقرار إيراني ، وإنما قد يكون بقرار من تل أبيب ، وعليه يمكن أن يتطابق المساران والنتيجة.

 السؤال : من يفاجئ الآخر بالحرب ، طهران أم تل أبيب؟ في ميزان الاحتمالات تميل كفة تل أبيب ، كمرشح لتوجيه ضربة لحزب الله ، أو ربما ، لاحقا،  لأهداف في العمق الإيراني ( الضربات الإسرائيلية لأهداف إيرانية في سوريا أصبحت مألوفة )، وفي إطار الاحتمالات،  أيضا ، يبدو التحشيد العسكري والسياسي الدولي (الأمريكي والغربي)  موجها نحو إيران ،وليس غزة ، كما تبدو الحرب الإسرائيلية على غزة لمحاولة اجتثاث حماس وفصائل المقاومة ، جزءا من عمليات حربية أوسع ، تستهدف إشهار انتصار تل أبيب على المنطقة ، وتصفية خصومها،  وليس تدمير غزة فقط ، في إطار الإحتمالات ، ثالثا، قد تجد طهران من غرق إسرائيل في غزة ،خاصة إذا نفذت اجتياحا بريا ،  فرصة مناسبة لتسجيل هدفين :  هدف دعم المقاومة كحليف استراتيجي ، وهدف تعزيز هزيمة إسرائيل ، والحد من نفوذها،  وعرقلة مشروعها في المنطقة.

‏ربما لا يكون خيار الحرب الإقليمية مطلوبا،  لا من قبل واشنطن (بايدن أعلن أكثر من مرة أن أمريكا تسعى لعدم توسيع نطاق الحرب )، ولا من قبل  أي طرف آخر ، الأسباب ،هنا ، مفهومة في سياق المصالح والمخاوف،  والحسابات الخاصة لكل طرف،  لكن ربما  يصبح هذا الخيار المخرج الاضطراري في لحظة غير متوقعة لطرف من الأطراف ، سواء لإسرائيل نتيجة فشلها في غزة ، أو لطهران  نتيجة استفزازها،  أو دفاعا عن حلفائها، المؤكد أن حدوث ذلك سيقلب المعادلات القائمة في المنطقة برمتها، حيث ستمتد الحرب إلى أطراف أخرى متعددة ، وستكون حرب ساحات ودول ، ونهاية لعصر من التحالفات والمعاهدات،  وبداية لتشكل محاور جديدة مختلفة تماما عن الواقع الراهن. 

‏أعرف ، لا يمكن لأي طرف أن يغامر ،الآن ، بإتخاذ قرار فتح فرجار الحرب الإقليمية ، لأن اتخاذه سيعتمد على عامل يشكل "مختبرا" للحرب،  وهو "غزة" ، كل الأطراف ، بما فيها واشنطن وتل أبيب وطهران،  تنتظر نتيجة " معركة " غزة ، وتصفية حماس وأخواتها ، وحجم الكلفة على إسرائيل أو هزيمتها ،  ثنائية الفشل أو النجاح ستدفع كل طرف لتقدير حساباته ، والموازنة بين خياراته واضطراراته،  وفي تقديري أن فتح جبهة جديدة ضد الاحتلال،  كما أكد وزير الخارجية الايراني (حسين  اللهيان) غير مستبعد ، لكن التوقيت سيظل مجهولا،  كما سيبقى البادىء بالحرب غير معروف ، من يكشف ذلك هو موازين الحرب في غزة ، والأهم انتظار إعطاء الإشارة الخضراء من واشنطن. 

‏عربيا،  لا مصلحة لأحد بتوسيع نطاق الحرب ؛ لبنان لم يخرج من مأساته السياسية والاقتصادية ، و إقحامه بالحرب سيدمر ما تبقى من بنيته وعافيته،  وكذلك سوريا والعراق ، اما الأردن فلا يريد  ،أبدا ، أن يجد نفسه أمام طوق من النيران المشتعلة،  خاصة إذا انفتحت جبهتا الضفة الغربية والجنوب السوري ، اللتان تشكلان تهديدا مباشر لأمنه واستقراره،  وعليه لن يسلم أحد في المنطقة من نشوب حرب إقليمية ، تكرس حالة الدمار إلى أمد غير معلوم.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير