ضحية لائحة أجور 2021
جمال شتيوي
لائحة أجور 2021 لائحة كارثية على المواطن الأردني، وهي عبث بالأمن الصحي، والعبث به لا يقل خطرا عن العبث بالأمن الغذائي والاستقرار الأمني، كيف ذلك؟.
أجور الكشفيات والإجراءات الطبية على اختلافها، ستتضاعف بشكل غير معلوم للآن، وليست هناك دراسة علمية تكشف نسبة ارتفاع أسعار الطبابة - بعضهم يقول بنسبة 400 %- وبغض النظر عن صحة هذا الكلام من عدمه، فالضحية الأولى والأخيرة المواطن الأردني الذي تحمل لسنوات التضخم المعيشي في جميع مناحي الحياة بسبب الغلاء العالمي.
مهنة الطب الإنسانية لا ينبغي أن تتحول إلى اتجار، ولا إلى إثراء غير مشروع، تسيطر عليه"المافيات" في أي مكان من العالم، وفي بلدنا إما أن يكون المواطن مؤمنا صحيا عبر مؤسسته التي يعمل بها، أو من خلال صناديق التأمين الذاتية، أو يتعالج على حسابه الخاص.
وفي الحالات الثلاثة السالفة سيتم سلخ جلده وستضاعف عليه مؤسسته أو صندوقه الذاتي الذي ينتمي إليه مبلغ الاشتراك المالي الذي يدفعه، فيتآكل راتبه أكثر فأكثر، وقد تعجز مؤسسته عن تأمينه صحيا بسبب ارتفاع بوليصة التأمين العائد للصراع بين نقابة الأطباء وشركات التأمين.
أتمنى أن تشكل الحكومة فريقا طبيا متخصصا من القطاع الحكومي، لاستطلاع أسعار الطبابة في الدول العربية المثيلة في دخلها، ونعني هنا مراجعة أسعار جميع الإجراءات الطبية ابتداء من الكشفيات والتصوير الشعاعي والتحاليل المخبرية والعمليات الجراحية (....)وليس أجور الأطباء فقط ، وأنا متأكد أن اللجنة ستصاب بالذهول، فقد كنت في مصر قبل شهرين في رحلة علاجية مع احد أقاربي فكان الفرق الشاسع في الأجور جميعها.
أنا فعلا أطالب بمراجعة الأجور وتثبيتها بما يتلاءم مع متوسط دخل الأردني لنرى كم ستصبح، وهذا ما حصل فعلا عندما جرى تشكيل لجنة لأسعار الأدوية بعد وجود فرق هائل بيننا وبين الدول العربية الأخرى، حيث جرى تخفيض عدد كبير منها، وما تزال بحاجة لإعادة النظر فيها.
تسعى نقابة الأطباء إلى التخييل للمراقبين أن النزاع مع شركات التأمين، وهذا غير صحيح، فإذا كانت شركات التأمين تجري حسومات كبيرة على فواتير الأطباء والمستشفيات والمختبرات، فهذا شأن يخص الطرفين وليس شأن المواطن، وبإمكان اي طرف منهما اللجوء إلى القضاء استنادا إلى العقد الموقع مع مزود الخدمة، أما رفع الأجور الطبية فسيكون الشعرة التي قسمت ظهر البعير، وسيترك غالبية المواطنين غير المؤمنين وموظفي القطاع الخاص بلا تأمين.
كنت أتوقع من جميع المؤسسات التي تقدم خدمة للمواطنين مقابل أجر أن تبقى في خندق الوطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، لا أن تستقوي عليه بقانون أو بنظام أعطاها صلاحية تحديد أجور الخدمة المقدمة، وإن كانت هذه الصلاحية مشوبة بشبهة دستورية أو تتجاوز قانون المنافسة. وهذا يأتي في ظل ارتفاع بنسبة الفقر والبطالة وارتفاع مديونية بلدنا.
أدعو إلى نبش ملفات "إمبراطورية الطب" بما فيها واقع شركات التأمين في بلدنا، بتدقيق جميع ملفاتها وأرباحها وضرائبها، بكل مشاريعها الاستثمارية، وضبط جميع التجاوزات إن وجدت، خصوصا وأن السياحة العلاجية أيضا ستضرب في مقتل ولنا في معالجة المرضى الليبيين واليمنيين لعبرة.
القطاع الطبي يريد أن يربح، وأرباح هذا القطاع في مجملها عالية وكذلك شركات التأمين أرباحها عالية جدا، والمواطن ضحية تساق إلى المذبح في ظل تحديات كبيرة تواجه البلد أبرزها التحدي الاقتصادي. فهل من مجيب؟!