تسجيل موقف، يقابله "تلميع" !
هُناك دومًا ثلة من الأشخاص، لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، إن لم يكن اليد الواحدة، يشغلون عدة مواقع، أكانت في السلطة التنفيذية أم التشريعية، تراهم يُعارضون، بصوت خجل، قرارا ما، إو إجراء مُعينا، أو سياسة، أو حتى قانونا أو مشروع قانون، على الرغم من أن تلك «المُعارضة» لا تُقدم ولا تؤخر شيئًا.
ذلك أمر تفهمه الأغلبية، التي تُقر بأنه «لا ضرر ولا ضرار»، لكن ما يضع علامات استفهام واستغراب كثيرة، هو تسليط الضوء، وبشكل مُكثف، على مواقف أو آراء أو حتى مُلاحظات، يُراد منها فقط تسجيل موقف، أو كسب شعبية، وقد يصل الأمر إلى إيصال إشارات بأنهم مُتواجدون على الساحة، بمعنى أنهم «يُشاكسون» من أجل كسب منصب يعود عليهم بالنفع.
أولئك يتفننون في خلق مُصطلحات، يُخيل للسامع، للوهلة الأولى، بأنها تصب في مصلحته، ويُراد منها إحقاق حقوق، تُعد في علم الدساتير، من أبجديات الأوطان وساكنيها.. يستخدمون عبارات توحي، بطريقة أو بأُخرى، بأن هُناك أيادي خفية، وراء قرار أو إجراء أو سياسة أو قانون مُعين.
عندما يُريدون إيصال صوتهم، بغض النظر عن الهدف، تراهم يُطالبون بـ»التأني» و»الروية»، حتى يأخذ ذلك القرار أو القانون حقه من المُناقشات والدراسة والتمحيص، وذلك حق يُراد به تسجيل موقف، ليس إلا، ثم يبدأون بهجوم، قُل عنه بأنه ناعم، أو خجول، أو أقل من عادي، يتداوله عامة الشعب.
الغريب في الأمر، أن هُناك أُناسا ومنصات ومواقع تبدأ بحملة «تسليط» الضوء على مُداخلة، أو تصريح، أو حتى بيان، لأحدهم، لمجرد أنهم يتلاعبون باللفظ أو المُصطلح، من قبيل «الدفع» وليس «الضغط»، ثم يبدأون بإطلاق أوصاف جمة، من قبيل أنه مقطوع «وصفه»، أو أنه وضع النقاط على الحروف، أو حقق نصرا، أقل ما يُقال عنه في الحقيقة بأنه «باهت».
أولئك (أصحاب تلك الحملات)، ينتظرون على أحر من الجمر، تصريحا لمسؤول أو صاحب قرار ما ضد آخر، لتبدأ بعدها عملية نسج قصص، مُبالغ فيها أو خيالية، كقصص «ألف ليلة وليلة»، أو بُطولات حدثت في أحد الأزمنة الغابرة، أكل عليها الدهر وشرب.. للأسف يُسلطون الضوء على قول البعض بشأن ما، وأن المسؤول عنه أراد «كذا وكذا»، لكن عندما يُصرح صاحبه لا يلقون إليه بالًا، إلا ضمن فقرة خجولة، لا تنم أبدًا عن أساسيات النقل الموضوعي المُحايد وهو «الرأي والرأي الآخر».
كالعادة، وكأننا لا نتعلم أبدًا، فهُناك الكثير، من أبناء جلدتنا، ولا أقصد أحدا بعينه، فأغلبيتنا وقع في أخطاء من قبيل «تلميع» أو تسليط الضوء على تصريحات، لبعض الشخصيات، التي كانت يومًا من الأيام، تصف نفسها بأنها في صف «المُعارضة»، وأن همها الأول والأخير هو الوطن ومن بعده المواطن، المغلوب على أمره.
ثم ما هي إلا بضعة أشهر أو أعوام قليلة جدًا، حتى يتم اكتشاف «زيف» تلك الادعاءات أو التصريحات، والتي كان هدفها الأساس، الوصول إلى أحد «كراسي» المسؤولية، بغض النظر عن ماضي صاحبها، بما يتضمنه من بطولات ومواقف رجولية.. مواقف كانت توصف من قبل الكثير بأنها رائعة، وأن «بطلها» صاحب مبدأ، ولديه رؤية أو فكر.
ما يضع العقل في الكف، هو أن الكثير من الشعب الأردني ما يزال يقع في نفس «الفخ»، ويقتنع بذات «الخداع»، الذي مارسه من قبل أُناس، وما يزال يُصر هذا الشعب على «تلميع» شخصيات سمتها الأساس «الكذب والمُراوغة»، بهدف تحقيق مصالح شخصية.. ما نزال نُلدغ من نفس الجحر، أو أن ذاكرتنا كذاكرة «السمكة» أو نحن ...!