"إرهاب الطرقات".. و"معدل السير"

{title}
أخبار الأردن -

محمود الخطاطبة

منذ يوم الأحد الماضي، شرعت اللجنة القانونية النيابية بمُناقشة مشروع قانون مُعدل لقانون السير لسنة 2023، والذي يهدف إلى تشديد مُخالفات السير المُتعلقة؛ بتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، والقيادة بصورة مُتهورة، واستخدام الهاتف أثناء القيادة.

الغالبية العُظمى من أبناء الشعب الأردني، تؤيد تغليط العقوبات بشأن المُخالفين لقواعد السير وقيادة المركبات، لا بل هم جميعًا مع تشديدها، خصوصًا إذا ما علمنا بأن الوفيات الناجمة عن حوادث السير تصل إلى ما يقرب من 1.7 حالة وفاة يوميًا، الأمر الذي يؤشر على أن هُناك «إرهابًا» في الطرقات.

وللأسف، فإن الدراسات تؤكد أن 96 بالمائة من حوادث السير التي تشهدها مُختلف طُرق المملكة، سببها السائق، ما يؤكد أن نسبة كبيرة من سائقي المركبات، أكانت عمومية أم خصوصية، غير مُلتزمة بقواعد السير الأساسية.

قد يقول البعض إن تغليظ أو تشديد المُخالفات الموضوعة بـ»مُعدل السير»، لن يؤتي أكله، ولن يحل من مُشكلة الازدحامات المرورية.. أؤكد لهم أنها ستكون رادعًا أساسيًا، وأكبر دليل على ذلك، أن الكثير من الأردنيين يكونون مُلتزمين إلى أبعد حد، في البلدان الأُخرى، ومعلوم بأن قيمة المُخالفات في تلك البلدان مُرتفعة جدًا، قد تصل إلى سحب رخصة القيادة، وأحيانًا أُخرى يتم تسفير ذلك المُخالف، إذا كانت مُخالفته من الدرجة الأولى.

أتحدى أن تجد سائق مركبة، أكانت عمومية أم خصوصية، لم يتعرض إلى تصرف غير أخلاقي من سائق آخر، فالشارع الأردني مليء بمُشاهدات يندى لها الجبين، بدءًا من التجاوز الخاطئ، مرورًا باستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، انتهاء بقطع الإشارة الضوئية الحمراء، أو السير باتجاه مُعاكس، ناهيك عما يتلفظ به البعض من ألفاظ بذيئة جدًا، ومُضايقات أُخرى.

لكن، ولكي نكون مُنصفين، يجب أن نؤشر إلى المُعاناة التي يعيشها المواطن، جراء طُرق مُهترئة، وثانية مليئة بالحفر، وثالثة «حُبلى» بالمطبات.

إذًا، نحن أمام ثلاث مُفردات، من الظلم مُعالجة واحدة وترك الأخريين، الأولى تتمثل بارتفاع كبير بحوادث السير، ينتج عنها سنويًا ما يزيد على 600 حالة وفاة، فضلًا عن آلاف الإصابات، بعضها يتسبب بإعاقات مُستديمة لأصحابها.. والثانية تتعلق بعدم التزام نحو 96 بالمائة من السائقين بقواعد السير، والثالثة تتمحور حول عدم جاهزية الطُرق.

المُفردة الأولى، حلها الرئيس يتضمن تشديد وتغليظ المُخالفات، وذلك لا يختلف عليه اثنان، لكن يجب أن تكون ضمن المعقول، فقيمة المُخالفات المالية بـ»مُعدل السير»، جدًا مُرتفعة، لا تتناسب أبدًا، ودخول الأردنيين، أكانوا موظفي قطاع عام أم خاص.. وإن كان هُناك اعتقاد بأن مُخالفات الدرجة الأولى، يجب أن تكون «مُغلظة»، لما يترتب عليها من إزهاق أرواح بريئة، وإصابات خطيرة.

المُفردة الثانية، تتطلب التعاون والتنسيق والتشاركية من أكثر من جهة فيما بينها، خصوصًا المدارس والجامعات وبيوت العبادة، وكذلك المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، وذلك بُغية إيجاد آلية حقيقية واقعية، لتوعية السائقين المُخالفين، أخلاقيًا، فلا أحد يُنكر بأن التصرفات غير الأخلاقية كثيرة في مُجتمعنا، وللأسف.

أما المُفردة الثالثة، فهي التي تتعلق بالطُرق وضرورة تأهيلها وتعبيدها، بما يتناسب وسكان المملكة، وهذا يقع على عاتق وزارة الأشغال العامة والإسكان، والبلديات، وأمانة عمان الكُبرى.. فكثير من أعطال المركبات سببها الرئيس الطرق المُهترئة.

وإذا ما أردنا إيقاف «إرهاب الطرقات»، أو على الأقل تخفيف حدتها، فيتوجب على الجميع ألا يضع رأسه في الرمال، فهذه عبارة عن حلقة مُتكاملة، لا تقف عن طرف دون الآخر، وذلك من أجل الخروج بنتائج إيجابية حول هذا الموضوع.. وإلا فإنه سينطبق علينا المثل الدارج: «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»!.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير