لعب مع "الذكاء" الاصطناعي..!
نقرأ الكثير عن “الذكاء الاصطناعي” الخارق في استخراج المعلومات ومعالجتها في وقت قياسي. والآن، تعرض عليك تطبيقات الحواسيب المحدثة خيار “الدردشة” مع روبوت الذكاء الاصطناعي الخاص بها. وقد “دردشت”. جربتُ أن أتحاور مع “تشات جي. بي. تي”، أحد أبرز روبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي. وباعتبار أنه قادر على جمع المعلومات بسرعة كبيرة من كل محتويات شبكة الإنترنت وكليّ المعرفة تقريبًا، كما نقرأ، جربت سؤاله عن اسمي، عله يكتب لي سيرة ذاتية ما: “من هو علاء الدين أبو زينة”؟
جاء الجواب مترددًا، بدليل بطء الاستجابة مقارنة باستجابات أخرى: “علاء الدين أبو زينة هو لاعب كرة قدم مصري. وُلد في 10 يوليو 1991 في محافظة القاهرة، مصر. يلعب في مركز الظهير الأيسر في فريق النادي الأهلي المصري والمنتخب المصري لكرة القدم. بدأ مسيرته الكروية في صفوف نادي النصر السعودي في عام 2010، ولعب معهم لمدة أربع سنوات. في عام 2014، انتقل إلى نادي لوكوموتيف موسكو الروسي ولعب معهم حتى عام 2017. ثم عاد إلى النصر السعودي لموسم واحد قبل أن ينضم إلى النادي الأهلي المصري في عام 2018”.
بحثتُ عن أي لاعب مصري باسم شبيه في محركات البحث المعروفة، ولم أعثر على شيء. قلت، أساعده أكثر، فكتبت: من هو الكاتب علاء الدين أبو زينة؟ وأجاب: “علاء الدين أبو زينة هو اسم لاعب كرة القدم المصري وليس اسمًا معروفًا ككاتب”. كتبت: “المترجم الأردني علاء الدين أبو زينة”. فأجاب: “أعتذر عن الخلط السابق. نعم، هناك المترجم الأردني علاء الدين أبو زينة الذي يعمل في مجال الترجمة. يعتبر... من المترجمين المعروفين في الأردن والعالم العربي. يتمتع بخبرة واسعة في الترجمة بين اللغات العربية والإنجليزية، وقد عمل على ترجمة العديد من الكتب والمقالات والمواد الأدبية والتقنية”.
الحمد لله! لم يذهب عملي عبثًا! قلت، لقد بدأ يعرف، وكتبت: “الكاتب والمترجم الأردني علاء الدين أبو زينة”. فكتب: “أعتذر، ولكن لا يوجد لدي معلومات كافية حول كاتب أو مترجم يحمل (هذا الاسم) من الأردن. قد يكون هذا الشخص ذا شهرة محدودة أو ليس لديه تواجد قوي في الوسط الأدبي أو الترجمة”.
مخيّب! ابتلع الذكاء إجابته السابقة وأرسلني إلى النسيان. قلت، أُحرجه فأذكره بأنني أعمل في صحيفة مقروءة. فكتبتُ: “الكاتب والمترجم علاء الدين أبو زينة جريدة الغد الأردنية”. فاعتذر: “أعتذر عن الالتباس السابق. علاء الدين أبو زينة هو كاتب ومترجم يعمل في جريدة “الغد” الأردنية. يشتهر بمساهماته في مجال الكتابة والترجمة في الصحافة. يقدم تحليلات وآراء في مواضيع مختلفة من خلال مقالاته في الجريدة”.
كتبت: “كتُب للمترجم الأردني علاء الدين أبو زينة”. وأجاب: “علاء الدين أبو زينة، المترجم الأردني، قد قام بترجمة العديد من الكتب إلى العربية. ومن بين الكتب التي قام بترجمتها يمكن ذكر بعض الأمثلة التالية:
“1984” لجورج أورويل (ترجمة إلى العربية: علاء الدين أبو زينة).
“الفيل الأزرق” لأحمد مراد (ترجمة إلى الإنجليزية: علاء الدين أبو زينة).
“رحلة إلى الغرب” لوو تشن إن (ترجمة إلى العربية: علاء الدين أبو زينة).
“هاري بوتر وحجر الفيلسوف” لج. ك. رولينج (ترجمة إلى العربية: علاء الدين أبو زينة).
“ألف ليلة وليلة” (ترجمة وتحرير إلى الإنجليزية: علاء الدين أبو زينة)”.
في الحقيقة، ليس بين هذه الكتب أي كتاب من ترجمتي، ومع ذلك، ينسبها إليّ بثقة كبيرة لا يُعرف من أين جاء بها.
قلت، أسأله عن شخص آخر، ربما تكون المشكلة في بياناتي. سألتُ عن صديق صحفي معروف، فزعم “تشات جي. بي. تي” معرفته الأكيدة به، وكتب: “(فلان الفلاني) هو شاعر وأديب أردني. وُلد في عام 1946 في مدينة السلط في الأردن. يعتبر (فلان) واحدًا من أبرز الشعراء العرب المعاصرين وله مساهمات مهمة في الأدب العربي”. وذكر سمات “قصائده” وثيماتها “ وثيماته– بل وعدد أسماء مجموعات شعرية له. والصديق صحفي مبدع، ولكنه ليس شاعرًا – حتى أن أيًا من أسماء المجموعات المذكورة ليس موجوداً في عالم النشر، لا له ولا لغيره.
قلت، أسأله عن شاعر مشهور لا يمكن الخطأ بشأنه، مترجَم إلى لغات عدة. فأجاب بمعلومات صحيحة عن مكان ميلاده، وإقامته، وبيئته وثيمات شعره، لكنه أخطأ في تاريخ ميلاده، وذكر له مجموعات شعرية بأسماء غير موجودة في الواقع. وكتب أيضًا: “تم اغتيال (الشاعر) في عام 1976 في فرنسا بوحشية”! وفي الحقيقة، ما يزال الشاعر حيًا يضج بالحياة، أطال الله عمره.
في كثير من الأحيان، يتحدث “تشات جي بي تي” وكأنه يعرف وهو لا يعرف. وهناك في الحقيقة إجابات مضحكة أخرى كثيرة عن أسئلة أخرى تجيب عنها محركات البحث العادية ببساطة واستفاضة، ألّفها “تشات جي. بي. تي” بثقة. وفي هذا طمأنة لجنسنا البشري بأنه ما يزال بوسعنا أن نضحك من الذكاء الاصطناعي، وما يزال أمامه شوط ليقطعه قبل أن ينافس. لكن هناك قلقا واجبا من مغبة الاعتماد عليه في استغلال مصادر المعلومات المفتوحة لتزويدنا بمعلومات صحيحة في غير العلوم البحتة. وسوف يخطئ كثيرًا من يعتمد “الذكاء الاصطناعي” في التوثيق أو كمرجع في جهد جاد؛ الحذَر الحذَر!