توصية للحكومة برفع تحفظاتها على مواد تتعلق بالتبني
جاء ذلك في نطاق "تقرير ظل"، أعده المركز الوطني لحقوق الإنسان بشأن تنفيذ الاتفاقية الأممية، قدمه الأسبوع الماضي للأمم المتحدة، وأوصى فيه كذلك بالانضمام لـ(البروتوكول 3) الخاص بالاتفاقية، والمتعلق بالسماح بتقديم شكاوى وبلاغات، وإقرار نظام حماية الطفل العامل.
وأكد التقرير، الذي نشره المركز أمس على موقعه الإلكتروني، أن المركز رصد حالات عنف بمراكز إيواء للأطفال فاقدي السند الأسري، عن طريق زيارات عشوائية مفاجئة.
ورفع المركز تقريره إلى "لجنة حقوق الطفل الأممية" في جنيف، قبيل موعد جلسة مناقشة الأردن رسميا لتقرير "حقوق الطفل الستة" بموجب الاتفاقية، وما تبعه من تعليق على قائمة المسائل، ضمن تقارير ظل تقدمها مؤسسات وطنية للجنة، بحيث عقدت جلسة الأردن للمناقشة يومي 10 و11 أيار (مايو)، بمشاركة وفد رسمي برئاسة لجنة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية.
ويتيح البروتوكول الاختياري الثالث لاتفاقية حقوق الطفل، الاستماع للشكاوى بخصوص انتهاك حقوق الأطفال، ويتيح للأطفال من البلدان المصادقة على البروتوكول استخدام الاتفاقية للسعي للحصول على العدالة، إذا لم تتمكن المنظومة القانونية الوطنية من توفير الإنصاف عن الانتهاك.
كما يسمح البروتوكول بتلقي لجنة حقوق الطفل، الشكاوى من الأطفال، أو جماعات من الأطفال، أو ممثلين عنهم، بحق الدولة المصادقة على البروتوكول، كما يمكن للجنة الشروع في تحقيقات بشأن الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية لحقوقهم، وبوسع الدول أيضا رفع شكاوى ضد بعضها، إذا ما قبلت بهذا الإجراء، وفقا للبروتوكول.
ونوه المركز إلى أنه أعده بالتشاور مع مؤسسات مجتمع مدني معنية بالطفولة في ندوة ختامية عقدت في آذار (مارس) العام الحالي، وأشار إلى أن الأردن ما يزال يتحفظ على المادة (14أ) من الاتفاقية المتعلقة بحرية الطفل في الفكر والوجدان والدين، وكذلك المادتين (20) و(21) المتعلقتين بنظام التبني.
إلى ذلك، أرجع التقرير توصيته للحكومة، برفع التحفظ عن المادتين (20) و(21) لاعتبارات تتعلق بأن نصوصهما تعطي الدولة "حق الاختيار" لأشكال الرعاية البديلة، إذ نصت على عدة خيارات، منها الحضانة أو التبني، أو الكفالة، وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية، وأن الأردن بتسجيل تحفظه، يكون قد شمل كل ما ورد من خيارات، بما فيها نظام الكفالة، مؤكدا مطالبته برفع تلك التحفظات.
كما طالب المركز في تقريره، بمراجعة تشريعات مساندة لحقوق الطفل، منها قوانين: الجنسية، والأحوال الشخصية، والأحداث، والعمل، والضمان الاجتماعي، لافتا إلى أن هناك مسودات تشريعية للحكومة لم تقر بعد، أبرزها مسودتا قانون الأحداث الجديد ومسودة نظام حماية الحدث العامل.
ويندرج تقرير الظل للمركز على التقارير الصادرة عن المؤسسات الوطنية، التي تأخذ لجنة حقوق الطفل بما ورد فيها، وكذلك على تقارير الظل من منظمات المجتمع المدني، ضمن الملاحظات الختامية والتوصيات التي تصدر لاحقا للحكومة.
ودعا المركز لإدخال مفاهيم حقوق الطفل في المناهج الدراسية والجامعية، ووضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية الأطفال من الاستغلال والاتجار والعمل والعنف، وكذلك استراتيجية خاصة لمكافحة كل أشكال التمييز ضد الفتيات، وضرورة تأمين الحكومة والقطاع الخاص، فرص عمل لخريجي دور الرعاية الاجتماعية بالقطاع الخاص، وزيادة كوادر دور الرعاية بوزارة التنمية الاجتماعية وخلق بيئة صديقة للطفل.
وقال إنه برغم إقرار قانون حقوق الطفل لسنة 2022، ما زال قانون الأحوال الشخصية لسنة 2019، يفرق بين الأطفال المولودين في إطار الزواج وخارجه، إذ لا يوجد هناك استراتيجية للقضاء على التمييز وفق أسس محددة، فالمجتمع ينظر لهؤلاء الأطفال بـ”دونية” عند الزواج والعمل في سن الشباب.
ولفت لوجود سياسات وممارسات تمييزية للآن ضد المرأة والفتيات على مستوى حق الجنسية، وفقا لقانون الجنسية الأردني، وكذلك بالنسبة للوصية في قانون الأحوال الشخصية الممنوعة على أولاد البنت، واستمرار وجود أدوار نمطية للفتيات والطفلات.
وحول حماية الطفل من العنف والاستغلال، أشاد التقرير بتعديل الحكومة للمادة (62 ج) من قانون العقوبات لسنة 2017 التي أجازت الحصول على موافقة الأم والأب، للعمليات الجراحية والعلاجات الطبية.
لكنه نوه إلى أن الحكومة لم تستجب لإلغاء الفقرة (أ) من المادة (62) من القانون، المتعلقة بإجازة أنواع التأديب التي يوقعها الوالدين على أبنائهما، على نحو لا يسبب إيذاء أو ضررا، “وفق ما يبيحه العرف العام”، معتبرا أن “عبارة العرف العام مطاطة، وتختلف من مجتمع إلى آخر”.
ورأى التقرير، أنه كان على المشرع وضع حد أعلى للعرف العام، يضمن ردع الوالدين عن استخدام العنف، باتخاذ تدابير تربوية، مسجلا ملاحظته بعدم استجابة الحكومة لتعديل المادة (340) من قانون العقوبات التي لا تساوي بين الرجل والمرأة في الاستفادة من العذر المحل بجريمة الزنا، في حال مفاجأة الزوجة لزوجها متلبسا، إلا إذا كان في مسكن شرعي، فيما يستفيد الرجل من العذر المحل أينما حدث ذلك.
ومن اللافت، أن المركز قدم في تقريره، تحليلا خاصا لرصد أعده عن حالات العنف التي تعرض لها أطفال في المملكة، وأورد 5 ملاحظات رئيسة، أهمها ضعف رقابة الجهات ذات العلاقة بحماية الأطفال من العنف، وأداء أدوار المؤسسات المعنية بحقوق الطفل.
وأوضح التقرير أن الجهات ذات العلاقة، تمثل الوزارات والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، منوها بأنه رصد حالات قتل أطفال وأخطاء طبية وحوادث سير وحريق، والتعرض لعض كلاب ولدغ أفاع، لـ”تقصير الوزارات والجهات الأخرى في دورها بحماية الأطفال”.
وأشار إلى تدنى مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والاقتصادية والرعائية للطفل، بخاصة في المناطق النائية، وعدم وجود نصوص قانونية تفرض عقابا على بعض أشكال العنف ضد الأطفال، وكذلك صعوبة الحصول على بيانات حول من تعرضوا للعنف، أو مرتكبي الجرائم بحقهم.
وأشار التقرير إلى أن البيانات المتوافرة بإدارة حماية الأسرة والأحداث، مقتصرة على بيانات الأطفال طالبي النجدة والمساعدة.
وتطرق التقرير إلى إحصاءات الجرائم الواقعة على الأطفال خلال الأعوام 2016-2018 بإدارة حماية الأسرة والأحداث (اعتداءات جسدية وجنسية)، مشيرا إلى ملف التسول، مؤكدا أن معظم حالات التسول للأطفال بمراكز الرعاية والتأهيل من المكررين.
ودعا التقرير لإلغاء الاستثناء في أذونات الزواج لمن هم أقل من 18 عاما، معتبرا بأنه شكل من أشكال العنف الاجتماعي ضد الأطفال.
وفي محور البيئة الأسرية والرعاية البديلة، كشف تقرير المركز عن “رصد حالات عنف ضد الأطفال فاقدي السند الأسري” في الدور الايوائية، عبر زيارات مفاجئة عشوائية.
كما تحدث عن تحديات جسيمة في هذا الإطار، من بينها: نقص الكوادر البشرية المشرفة على الأطفال، بخاصة تلك المختصة بالدعم النفسي وتعزيز الإدماج في المجتمع، ووجود “أم” واحدة في أغلب الدور، وتدني مستوى الاهتمام بالجانب التعليمي، ونقل المنتفعين أحيانا من دار لأخرى، دون وجود معايير واضحة، بالإضافة لغياب الرعاية اللاحقة بعد تخرج الأطفال من الدور، بحيث لا فرص عمل ولا تدريب مهني ولا مؤهلات دراسية كافية ولا مأوى.
ولفت إلى أن زيارته لدور رعاية الفتيات المعنفات تحت سن الـ18 عاما في عمان وإربد والرصيفة، أظهرت تفاوتا في الخدمات بين الدور الثلاثة، وعدم وجود تصنيفات للفئات العمرية.
وتطرق التقرير إلى محاور الصحة والاعاقة النفسية والرعاية الاجتماعية، والأنشطة الثقافية والتعليم وتدابير الحماية الخاصة والأطفال في نزاع مع القانون، وفي محور عمل الأطفال، سيصار لتناول أبرز مضامينه في تقرير منفصل لاحقا.