100 ثانية تفصلنا عن نهاية العالم.. ما هي ساعة القيامة؟

{title}
أخبار الأردن -

منذ 2020، تشير "ساعة القيامة" إلى أن 100 ثانية تفصلنا عن "نهاية العالم"، والثلاثاء، يبادر المشرفون على الساعة إلى تغيير العد التنازلي لنهاية العالم لأول مرة منذ شن روسيا حربها على أوكرانيا وإثارة مخاوف من كوارث نووية خلال عام شهد كوارث طبيعية عدة عبر أرجاء الكوكب.

ومنذ عام 2020 ثبّتت الساعة مقياسها لاندثار البشرية، إذ فصلت 100 ثانية فقط عن منتصف الليل، الذي يرمز إلى اندثار البشرية. ومن المتوقع أن تكشف الساعة عن تنبؤاتها لهذا العام في مؤتمر افتراضي في الساعة الثالثة ظهرا بتوقيت غرينتش، وفقا لما ذكرته عبر موقعها. 

ما هي "ساعة القيامة"؟ 

تشكل الساعة التي أسسها العالم، ألبيرت أينشتاين، وباحثون من جامعة شيكاغو عام 1947، مقياسا لمدى اقتراب البشرية من تدمير ذاتها، وكلما قاربت الساعة من بلوغ منتصف الليل، زادت فرص اندثار البشرية. 

وأسست منظمة "Bulletin of the Atomic Scientists"، على أيدي علماء الذرة الذين ساهموا في تطوير الأسلحة النووية الأميركية ضمن ما يعرف باسم "مشروع مانهاتن"، الذي قدم أول قنبلة ذرية إلى العالم، لأنهم لم يتمكنوا من تجاهل المخاطر الكامنة وراء عملهم، وفقا لما ذكرته صحيفة "ذا إندبندنت". 

ورغم أن الهدف وراء تأسيس الساعة في البداية كان قياس اندثار البشرية وفقا للأسلحة النووية، إلا أنه توسع في وقت لاحق ليواجه كل التحديات التي تواجه البشرية. وتحتضن جامعة شيكاغو الأميركية الساعة في إحدى ردهاتها. 

ويمكن لعقارب هذه الساعة أن تسير قدما أو إلى الوراء وفقا لتدهور الوضع الإنساني أو تحسنه، ففي عام 1991، ومع نهاية الحرب الباردة، فصلت 17 دقيقة منتصف الليل، وظلت بذاك الشكل حتى عام 1995. 

ومنذ عام 1947، أي منذ تأسيسها، عاد الزمن بالساعة إلى الوراء ثماني مرات، في حين تقدمت نحو "الاندثار" 16 مرة. 

وتشير المنظمة عبر موقعها إلى أن "ساعة القيامة" تخضع للتعديل كل عام بالتشاور مع الخبراء في مجلس الإدارة التابع للمنظمة، والمتخصص في مجال الأمن والعلوم، بالإضافة إلى مباحثات مع مجموعة من الباحثين والعلماء، من ضمنهم 13 حائزا على جائزة نوبل. 

وتضيف المنظمة أن الساعة "أصبحت مؤشرا معروفا حول العالم على هشاشة العالم تجاه أي كارثة ناجمة عن الأسلحة النووية والتغير المناخي والتكنولوجيات المدمرة في القطاعات الأخرى". 

وتعرضت هذه الساعة عبر تاريخها لانتقادات عدة، من بينها مقال نشرته صحيفة "the Conversation" عام 2015، حذر فيه الباحث من جامعة أكسفورد، أندريه ساندبيرغ من استخدام "ساعة القيامة" للتنبؤ بأحداث المستقبل مشيرا إلى أنها تقاس بـ "قوة شعور الإلحاح" من قبل المشرفين عليها، بينما يرى آخرون أنه لا يتوجب أخذ هذه الساعة على محمل الجد على الإطلاق، وفقا لما ذكرته "واشنطن بوست" في تقرير عن الساعة عام 2017. 

"ساعة القيامة" في أبهى لحظاتها 

لم تكن تطلعات الساعة أكثر إشراقا من ديسمبر من عام 1991، ففي خريف ذلك العام أعلن الرئيس الأميركي حينها، جورج بوش، إزالة حالة الطوارئ التي استدعت تحليق المفجرات الأميركية وأمر بتعطيل أو تدمير آلاف الرؤوس النووية وفقا لمعاهدة الحد من التسلح النووي الاستراتيجية، ورد الرئيس السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف، حينها بأمر مماثل. 

وقبل ذلك بعامين، عندما هدم الجدار الفاصل في برلين جالبا معه نهاية الحرب الباردة، قام المشرفون على "ساعة القيامة" بإعادة زمنها لعشر دقائق قبل منتصف الليل. 

وبعد الإعلان الأميركي والسوفيتي بالحد من التسلح النووي دخل المشرفون على الساعة في حوار عميق حول ما إن كان يجدر بهم إعادتها سبع دقائق إضافية إلى الوراء. 

وبالفعل، ولأول مرة منذ تاريخها، عادت الساعة 17 دقيقة إلى الوراء. 

ومدح مقال نشر في عام 1991 بالمجلة التابعة لمنظمة "Bulletin of the Atomic Scientists"، المشرفة على الساعة، قرارات بوش وغورباتشوف حول نزع السلاح واعتُبرت "بداية نهاية الأسلحة النووية". 

ونشرت المجلة آنذاك كاريكاتيرا أظهر رؤوسا نووية في سلة للمهملات. 

وفي مقال آخر للمجلة، وصفت قرار الزعيمين بأنها "ثورة للسلام".

واعترف مايك مور، محرر المجلة ، بأن الأمر كله كان مدعاة للتفاؤل. لكنه قال إن ذلك لم يكن بدون سبب وجيه.

وكتب مور: "هناك أوقات يجب فيها أن يُغفر للمرء التفكير بين الحين والآخر في أن عالما خال من الأسلحة النووية أصبح احتمالا واردا، مهما كان بعيدا، وليس مجرد حلم يقظة صوفي".

الحلم يتبدد
 
ومنذ يناير من عام 2020، ظلت الساعة عالقة لـ 100 ثانية عن منتصف الليل، وكانت تلك المرة الأولى التي تتجاوز فيها حاجز الدقيقتين منذ إنشائها، وقالت المنظمة، العام الماضي، إن ذلك رمز إلى "أننا عالقون في لحظة محفوفة بالمخاطر". 

وفي العام الماضي، الذي شهد تغيير الساعة وفقا لأحداث عام 2021، أكد أعضاء المنظمة إن الانتخابات الأميركية التي جلبت فوز جو بايدن بالرئاسة "جلبت الأمل بإمكانية تعليق ما بدا وكأنه سباق دولي نحو الكارثة"، مضيفين أن "النهج المتوقع والمعتدل الذي بدر عن أكبر دولتين مسلحتين نوويا في العالم، عكس تغييرا مرحبا به مقارنة بالسنوات الأربع السابقة". 

وذكروا أن الاجتماع الذي عقده الرئيس الأميركي، جو بايدن، مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، واتفاقهما على أهمية عدم خوض حرب نووية أبدا. 

لكن وفي الوقت ذاته، أشارت المنظمة إلى المخاطر المحفوفة بارتفاع معدلات الإقبال نحو التسلح العسكري في الشرق الأوسط. 

وحذرت في بيان: "تواصل إيران بناء مخزون من اليورانيوم المخصب، وتصر على رفع جميع العقوبات قبل العودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة. يبدو أن نافذة الفرصة على وشك الانغلاق".

وتضيف "بمرور الوقت، قد يشعر جيران إيران، ولا سيما المملكة العربية السعودية، بأنهم مضطرون لاكتساب قدرات مماثلة، مما ينذر بالاحتمال المخيف للشرق الأوسط مع العديد من البلدان التي لديها الخبرة والمواد اللازمة لبناء أسلحة نووية".

كما أكدت أن عام  2021 شهد دلالات ارتفاع التسلح النووي الصيني، بالإضافة إلى أن موسكو وبكين زادتا من اختبارات الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية، "وهو أمر محفوف بالمخاطر لأنه قد يهدد بانتشار النفايات حول المدار الأرضي، وبالتالي قد يعيق أي جهود للسفر الفضائي مستقبلا".

واستعرضت المنظمة كوارث أخرى، مثل جائحة كورونا وآثار التغير المناخي وتبعات انتشار المعلومات المضللة والهجمات الإلكترونية. 

ماذا تحمل الساعة بجعبتها لهذا العام؟ 

خلال العام الماضي، أدى الصراع في أوكرانيا إلى تصاعد التوترات بين واشنطن وموسكو وقصف بالقرب من أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، وفي سبتمبر من العام الماضي، أطلق بوتين تهديدات باستخدام السلاح النووي بعد عدة عقبات شهدتها قواته في السيطرة على أراض أوكرانية. 

وفي حديثها مع "واشنطن بوست"، الإثنين، قالت رايتشيل برونسون، مديرة المنظمة المشرفة على "ساعة القيامة": "ما كنا ننظر إليه هو تفكك النظام الدولي.. عندما يكون هناك خلاف بين دولتين تسيطران على أكبر ترسانات نووية في العالم .. وما نحاول قوله هو إننا نحتاج حقا إلى إيجاد طريقة لاحتواء هذه الأزمة".

ماذا يحدث عندما تدق "ساعة القيامة"؟ 

تشير برونسون إلى أنه لن يكون بالإمكان تغيير الساعة لتدق في منتصف الليل، "لأننا في تلك اللحظة لن نتمكن من ذلك"، مضيفة "لن تكون لدينا أي أدوات كافية للاستجابة". 

ونوهت إلى أن العد التنازلي قد يصبح أكثر تعقيدا مع اقتراب منتصف الليل فيما يخص التغير المناخي "نحن نتحدث عن أزمة حقيقية ومتطورة .. القرارات التي نتخذها اليوم سنشعر بها بعد 30 عاما". 

وتأمل برونسون ألا تشكل الساعة التاريخية تحذيرا فحسب، بل أيضا مؤشرا على الطمأنينة بتذكير الناس "لقد قمنا بإعادة الساعة سابقا إلى الوراء وسنتمكن من فعل ذلك من جديد".

تابعوا أخبار الأردن على
تصميم و تطوير