السياسة المالية ورؤية التحديث

{title}
أخبار الأردن -

م.موسى عوني الساكت

وفقا لأحدث تقرير للبنك الدولي عن الآفاق الاقتصادية العالمية، فإن معدلات النمو العالمي تتباطأ بشدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض الاستثمارات، والاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة من 2.5 % في العام 2022 إلى 0.5 % في العام 2023.

لهذا السبب وأسباب كثيرة، يجب علينا تعديل سياستنا المالية، لأنها تؤثر في كل من الاستهلاك والادخار والاستثمار وطبعا إيراد الخزينة، خصوصا، وكما هو معلوم، أن السياسة المالية هي جزء مهم من السياسة الاقتصادية التي يعد من أهم أهدافها تحقيق النمو الاقتصادي، والوصول لمستوى تشغيل مقبول، والحفاظ على استقرار الأسعار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وأخيراً التوازن في ميزان المدفوعات.

في الأردن، أثبتت السياسة المالية عدم نجاحها في ضوء بطالة وصلت إلى 22.6 %، أيضا العجز المتكرر في الموازنة وأعباء الدين العام.

السياسة المالية اليوم، يجب أن تتأقلم ورؤية التحديث الاقتصادي، ومن تابع خطاب الموازنة الأسبوع الماضي، يعي مدى جمود هذه السياسة التي ستكون أكبر معيق في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي. الرؤية التي من المفترض أنها تستهدف نموًا يصل الى 5.7 % خلال العقد المقبل.

الدراسات أثبتت أن النمو الاقتصادي يعتمد على هيكل ومستوى الضرائب والنفقات، وأن زيادة الإنفاق الإنتاجي وتخفيض الضرائب بنسبة 1 % من الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يعملا على زيادة معدل النمو بنسبة 0.2 % سنويا.

ولأن الضرائب حاجة ضرورية للدولة، فمن دونها لن تتمكن الحكومات من تلبية مطالب مجتمعاتها، فالضرائب أمر في غاية الأهمية لتمويل المشاريع الاجتماعية، فتصحيح التشوه الضريبي في إيراد الخزينة يعتمد اليوم على ضريبة المبيعات بنسبة كبيرة على حساب ضريبة الدخل. هذا الاعتماد كفيل للأسف بقتل الإنتاج وقتل القوة الشرائية، وبالتالي تهديد الاقتصاد وجميع مؤشراته من بطالة وعجز ومديونية.

إعادة هيكلة الضرائب والأعباء الضريبية، ليست فقط مطلوبة من أجل تنشيط الجانب الإنتاجي، بل أيضا لتنشيط الجانب الاستهلاكي والاستثمار، وهذا ليس مطلوبا اليوم، بل التحول التدريجي خلال السنوات العشر المقبلة.

سياستنا المالية يجب أن تهدف الى تعزيز نمو الاستثمار، أما استمرار الاعتماد على الضرائب الاستهلاكية، فهو مضر بالاقتصاد وبالمواطن وبالخزينة.

 

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير