"اسرائيل " تهدد ..كيف نرد ؟
حسين الرّواشدة
إذا صحّ ذلك ، وهو بتقديري صحيح، فإن السؤال عن خياراتنا اتجاه هذا التطور التاريخي الذي يشكل تهديدا لوجودنا ، اصبح بحاجة إلى إجابات واقعية و حاسمة ، تتجاوز ما ألفناه من مناورات سياسية ، أو محاولات للتكيف مع الوقائع، أو تأجيل التعامل معها بانتظار أي مستجدات او مفاجآت ، أقصد هنا أنه لا خيار لنا سوى المواجهة ، بما نملكه من أوراق سياسية ، وإمكانيات وطنية ، واستعدادات لأسوأ السيناريوهات ،وأصعب الظروف .
في هذا السياق ، أول ما يجب أن نفكر فيه هو أن نتحرر من حالة الإحساس بالضعف أو العجز وعدم القدرة ، نحن ، الأردنيين ، الدولة والمجتمع معا ، نمتلك ما يلزم من مقومات للمواجهة ، تاريخنا يشهد على ذلك ، واستدعاؤه ضروري لرفع الهمة وإحياء الروح الوطنية ، لكن الأهم هو الترجمة العملية ، أعني البدء فورا بخطوات جادة لحسم العلاقة مع " تل ابيب" باتجاه مصلحتنا الوطنية العليا ، هذا يقتضي أن تتوافق قرارات الدولة مع إرادة المجتمع، لإفراز مشروع وطني لمواجهة العدوان ، وتحشيد ما لدينا من طاقات لأجل ذلك .
أول عناوين هذا المشروع هو بناء "قضية اردنية" تستند إلى سرديات مقنعة ومؤثرة ، ترتكز على جبهة وطنية موحدة وقوية، وتفرز من الأردنيين أفضل ما لديهم من مواقف تجاه دولتهم ، هذا ليس عملا سهلا يتم بكبسة زر ، خاصة وان حالة مجتمعنا أصبحت صعبة ، وعلاقاته مع مؤسساته ليست على ما يرام ، ما يستلزم إجراء مراجعات (هل أقول عمليات جراحية عاجلة ) للوضع القائم ، وصولا إلى صفحة جديدة بيضاء ، تجمع الأردنيين وتوحدهم للدفاع عن بلدهم .
أن أقوى "ورقة" يمكن الاعتماد عليها ، في غياب العمق العربي ، و انكشاف ظهورنا، وتراكم اخطائنا في المرحلة السابقة ، وانشغال العالم عن تقديم ما ننتظره من دعم لنا ، هي ورقة" نحن"، فكما فعلنا تماما في "الكرامة المعركة" ، يمكن أن نفعل في" الكرامة المشروع " للمواجهة الآن ، هذا يحتاج من إدارات الدولة أن تغير سلوكها اتجاه المجتمع ، ابتداء من" تصفير" الأزمات الداخلية ، و ترسيم العلاقة بين المواطنين ومؤسساتهم ، وصولا لاستعادة الثقة بينهم ، ثم مشاركتهم في تحمل مسؤوليات ما يصدر من قرارات ، سواء أكانت في سياق مراجعة الماضي، وما جرى على صعيد العلاقة مع تل أبيب، او ما سوف يجري مستقبلا .
لا يجوز أن نتأخر عن إعلان "النفير" الوطني العام ضد التهديدات التي بدأت ماكينة الاحتلال تصدّرها لنا يوميا ، لكن في موازاة ذلك، لابد أن "نعقلن" خطابنا العام ، ونضع اقدامنا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، على ارض صلبة ، ثم نفحص تربتنا الوطنية لإزالة ما نبت فيها (على غفلة منا ) من اشواك وأحساك ، ونطرد من أذهاننا ما تراكم من أساطير وأوهام "التشاركية "مع العدو، فنحن دولة قوية بعزيمة الاردنيين فقط، وخزانات الدم التي ملأتها بطولات وتضحيات شهدائنا ، أكبر دليل على ذلك.