2023 عام "الاهتزازات" الكبرى
حسين الرواشدة
ماذا تخبيء لنا السنة 2023 ؟ لا احد يعرف تماما ،لكن ثمة وقائع وإشارات تراكمت خلال الأعوام المنصرفة، يمكن أن تساعدنا على استبصار القادم ، او التكهن به على الأقل، ذلك أن منطقتنا التي تقع في حفرة الانهدام معرضة للزلازل في أي وقت ، كما أن مخاضاتها التي بدأت منذ 12 عاما ، ما زالت حبلى ب"ولادات" لا نعرف مواعيدها، ولا أي مفاجآت ستصدمنا بها .
مجرد نظرة واحدة "للسوار" الذي يحيط بنا ،نكتشف عنوانين: أحدهما الفشل الذي انتهت إليه الدولة العربية ، ودفعت بسببه الشعوب، وما تزال، ضريبة الاستبداد والفساد ، والانسداد السياسي والتدخل الخارجي ،وغياب الأمن الوطني، العنوان الثاني : "التهديد " الذي يشكل قلقا مستمرا لبلدنا، سواء من الغرب حيث المشروع الصهيوني الذي انزاح تماما، وبشكل سافر، نحو اليمين المتطرف ، وأكمل برنامجه التوسعي، و أصبح قاب قوسين أو أدنى من تنفيذه على حسابنا، او من الفوضى التي تحاصرنا بسبب الصراع على الأدوار ،و غياب الرديف والعمق العربي ، ثم اقتراب موعد ترسيم الخرائط والمغانم في منطقتنا.
صحيح أن حالنا أفضل من غيرنا، وأن بلدنا استطاع أن يحافظ على استقراره وأمنه ، وتعامل بمنطق الحياد السلبي أحيانا، و الإيجابي أحيانا أخرى، مع الأحداث والعواصف من حولنا، صحيح، أيضا، أننا دفعنا ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ثمنا باهظا لمخرجات أزمة "الجوار، "حيث ملف اللجوء الذي يضغط على بنيتنا وأعصابنا ، وحيث تداعيات كورونا وأوكرانيا وغيرهما ، لكن الصحيح، أيضا، هو أننا أخطأنا في حساباتنا ،وفي تعاملنا مع أزماتنا ، كما تباطأنا كثيرا في مسارات الإصلاح، وحمّلنا الناس أكثر مما يحتملون، الأمر الذي عكس فجوة الثقة الكبيرة بين الأردنيين و مؤسساتهم، ودفعهم للخروج للشارع، قبل أسابيع، احتجاجا على تراجع أوضاعهم الاقتصادية .
في ضوء ذلك، يمكن اختصار ما يمكن أن نشهده خلال العام القادم في ثلاثة عناوين ، الأول: لا حلول جذرية متوقعة لأزماتنا ، المشروع السياسي سيظل قيد التهيئة والتمارين والتسخين، الضغوطات المعيشية ستزداد بفعل تراجع الاقتصاد، حالة المجتمع ستكون أصعب ، واحتجاجاته ستتصاعد، أخشى ما أخشاه هنا أن نغطي على الأزمات أو نتجاهلها ، فيما هي تمتد وتتعمق، خاصه داخل البنى الاجتماعي التقليدية، والمضارب التي تشكل دعائم الدولة ، وأساس قوتها ومنعتها .
العنوان الثاني : تغيير الصورة سيكون المخرج المتاح، أحيانا، لإدارة أزماتنا العالقة، أقصد أننا سنشهد العام الحالي سلسلة من التغييرات لتعديل المسار السياسي والاقتصادي، لا أدري إذا كانت ستقتصر على الأشخاص والمواقع ، أم أنها ستتجاوزها إلى السياسات والبنى المؤسسية القائمة، المهم أن مثل هذه المخارج ستبقى مؤقتة، وربما عاجزة عن التغلغل لعمق الأزمة، ما لم تتزامن مع إرادتين : سياسية واجتماعية ، للانتقال نهائيا من الوضع القائم إلى الوضع القادم المنشود في مسارات التحديث الثلاثة التي أشهرت العام الماضي .
العنوان الثالث : الملف الفلسطيني سيشكل اكبر مصدر قلق لبلدنا ، وربما ينفجر في وجوهنا بأية لحظة، التفاصيل ،هنا، معروفة بعد وصول نتنياهو وفريقه ، وإعلانهم عن برنامجهم، كما أن الرد الأردني جاء من المالك مباشرة قبل ايام، لكن ربما ما تخبئه لنا الأيام القادمة من فلسطين (الاحتلال والسلطة والشعب الفلسطيني ) يتجاوز توقعاتنا ، وربما إمكانياتنا، هنا يتوجب أن نسأل أنفسنا: ماذا أعددنا لمواجهة مثل هذا التهديد، داخليا حيث حسابات الجبهة الوطنية ، وخارجيا حيث اصبحنا مكشوفي الظهر ، امام غياب العمق العربي وهشاشة الضغط الخارجي، ثم انشغال العالم بما يهمه، لا بما يهمنا.
باختصار، العناوين الثلاثة وغيرها، ترّشح العام 2023 ليكون عام "الاهتزازات " الكبرى، ، لا يمكن بالطبع أن لأي مقياس " ريختر" سياسي أن يتنبأ بقوة اي هزة ، لكن المؤكد أنها ستتترك خسارات وخيبات إذا لم تتوفر لدينا اطفائيات سياسية كفؤة و حكيمه قادرة على مواجهتها .