وزير جديد للتعليم العالي وملفات تنتظر

{title}
أخبار الأردن -

د. مفضي المومني

بداية نبارك لوزير التربية والتعليم العالي الجديد أ.د عزمي محافظه، ونقول له أعانك الله، فملفات التربية والتعليم العالي كثيرة وتنتظر وننتظر… !، وأولها ملف الدمج والذي يُأملُ منه الكثير ضمن محددات ومعيقات يجب أن تذلل ليكون الدمج حقيقياً وليس شكلياً، لنضمن حسن التخطيط والتنسيق وربط التعليم والتدريب ومزوديه مع حاجات سوق العمل وتنظيم الموارد البشرية، وتحقيق المستويات العالمية المطلوبة لتحقيق أهداف النظام التعليمي ككل، وبنفس الوقت نقول لسابقه الوزير المخضرم

أ.د وجيه عويس؛ يعطيك العافية فقد عملت الكثير، واستلمت الوزارتين بمرحلة صعبة بعد مراحل من النكوص والتراجع، والإشكاليات التي نعرفها، وإرث لبعض الوزراء السابقين ممن حاولوا تحجيم دور الجامعات الحكومية لصالح الخاصة، وممن سكتوا على موبقات لإدارات جامعية هزت أركان التعليم العالي في بلدنا، ففعلت كل ما يجب بقوة وحنكة، وبدأت مشروعاً كبيراً للإصلاح كما أعرف، وكذلك مشروع لدعم وتطوير التعليم المهني والتقني كلفته 200 مليون دينار ، ولم تسعفك مالية الدولة لتنفيذه، وحملت ملف التربية والتوجيهي إلى بر الأمان وفي ذهنك التغيير للأفضل… ولكن دون تسرع، بكل الأحوال جزاك الله خيراً عن كل جهودك الخيرة.

أمام وزير التعليم العالي الجديد، إتجهان، الأول أن يكون كلاسيكياً روتينياً يعد الأيام، وأن لا يفتح ملفات إشكالية على مبدأ سكن تسلم، ولا أظنه سينحو لذلك، وهو صاحب تجربة أكاديمية وتربوية ولديه تصور وخبرة سابقة بقضايا التعليم، والطريق الثاني هو فتح التطوير والتغيير والملفات الإشكالية، وقد يكون بحاجة لمؤتمر خبراء وطني لوضع خارطة طريق ملزمة لتطوير التعليم العام والعالي والمهني والتقني، لأن الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية استهلكت ولم يتابع تنفيذها كما يجب، ولأن الكثير من الأمور تغيرت ويلزمنا وضع خطة وطنية تنفيذية محكومة بالزمن والتمويل تضع التطوير أولوية وطنية، ولا تتأثر بتغيير الوزراء… !.

 

معايير النجاح اصبحت بمقاييس عالمية والعالم يراقبك…والكلام الإعلامي عن الإنجازات والتطور الوهمي للإستهلاك كما كان يفعل البعض لا يصنع النجاح ولا التطور، فالنجاح ممارسة نظامية مستمرة تصنع النجاح بالفعل وسمعة تشنف آذان من لا يسمع… .اما التغني الكاذب بالإنجازات الوهمية والاعتماد على مؤشرات نجاح خنفشاريه بنجوم خماسية، وتصنيفات عالمية لا تحاكي الواقع كما عودنا البعض سابقاً؛ لن تصنع تقدماً يعتد به..! وساختصر أهم الملفات التي بحاجة لعمل وفعل في التعليم العالي لنلحق ركب التطور فقد تأخرنا كثيرا… وهي:
 
1- حل مديونية الجامعات، وإلغاء الموازي وتعويضه، وزيادة الدعم الحكومي للجامعات وتخصيصه بشكل نسبي للبرامج وحداثتها ومؤامتها لمتطلبات سوق العمل ونجاحاتها واعتماديتها، وكذلك توجيه كامل دينار الجامعات لدعم الجامعات وتوحيد أسعار الساعات لأن هنالك برامج باسعار الساعات القديم والرمزي، جعل الجامعات ترزح تحت وطأة المديونية وصارت كل الجهود لإدارات الجامعات موجهه نحو تحصيل المال كل شهر لدفع الرواتب، على حساب العملية الاكاديمية احيانا ان لم نقل غالبا، وأيضا يجب تخصيص ميزانية مناسبة ومنفصلة لدعم التعليم التقني وجامعة البلقاء لخصوصيتها في طرح والإشراف على التعليم التقني.
 
2- الإدارات الجامعية، ازعم ومن خبرتي ان اهم معضلة تواجه جامعاتنا ونظامنا التعليمي هي  الإدارات بمستوياتها، الإداري الضعيف الذي وصل بالواسطة او بطرق اخرى عقيمة، لا تستند لمعايير الكفاءة لن يصنع نجاحا، لا بل انه وصفة سحرية لقتل النجاح وإبعاد وتنحي الناجحين، وهذا يبدأ من رئاسة القسم الاكاديمي وينتهي برئيس الجامعة… ووزراء التعليم العالي وهيئة الاعتماد، ومجالس الحاكمية، ويتداول العارفون بالتعليم العالي اسماء وزراء كان لهم دور كبير في التراجع، وهذا تاريخ يكتب لكل من تسنم وزارة التعليم العالي وهم من يتحمل الكثير من الملاحظات والاشكاليات والهنات التي اقتحمت جامعاتنا، والأمثلة كثيرة لإدارات ورؤساء جامعات وعمداء اعادوا مؤسساتهم عشرات السنين الى الوراء، إذ يجب أن تسود الإدارات الأكاديمية الحكيمة والقيادية وأن نجتث إدارات الشخصنة والمزاجية والضعف والواسطة، ويجب أن يكون هنالك جهة رقابية فاعلة للتأكد من الحاكمية في إداراتنا الجامعية، وأن نغير نهج الإختيار الحالي.
 
3- كلاسيكية وقدم بعض البرامج وبقائها على حالها وعدم تطوير المناهج وأساليب التدريس  بما يتناسب مع حاجة سوق العمل وعصر التطور والتكنولوجيا والإعتمادية العالمية، والإنغلاق على الذات وعدم مواكبة التطورات العالمية التكنولوجية.
 
4 - ضعف مدخلات التعليم العالي اي مخرجات التعليم العام او المدرسي، ونلاحظ ذلك من خلال افتقار نسبة من الطلبة المقبولين لأساسيات التعلم التي يتطلبها المستوى الجامعي.
 
5 - عدم وجود برامج في الجامعات تخص تدريب أعضاء هيئة التدريس لتطوير ادائهم، ولا يكفي ان تحمل الدكتوراه وتمارس التدريس دون تأهيل تربوي ومسلكي وكل ما هو جديد في العالم.
 
6- البحث العلمي واشكالياته، صحيح ان بعض التمويل موجود ولكنه شحيح وفي ادنى المستويات العالمية، ولكن كثرة الإجراءات وتعقيداتها والموافقات تجعل الكثيرين يحجمون عن الانخراط في البحث العلمي الرصين، واقتصار البحث العلمي لغايات الترقية غالباً، ايضا التركيز على الشكليات وليس المضمون في اجراءات الترقية، وعدم تشجيع الجامعات للمجموعات البحثية، ومطالب توحيد تشريعات الترقية.
 
7- جامعاتنا بحاجة لمراكز ريادة وابتكار وإبداع مفعلة، ينشط من خلالها البحث والانتاج والتميز والتشاركية بين الجامعات، ينخرط فيها المدرس والطالب، وسوق العمل والشراكات العالمية، وتوضع لها تشريعات مرنة لتنظيمها.
 
8- وجود نظام رقابي صارم على اداء الجامعات والإدارات الجامعية حكومية وخاصة كما اسلفت، للحد من اي مخالفات او اخطاء تؤثر على العملية الاكاديمية، والتركيز على التقييم الدوري لرؤساء الجامعات من خلال أعضاء الهيئة التدريسية في جامعاتهم وبشكل محايد من خلال موقع وخوادم التعليم العالي وليس الجامعات..! واقترحنا سابقاً وحدة لمتابعة الجامعات في مجلس الوزراء، إضافة لاستقبالها كل تظلمات أعضاء الهيئات التدريسية والإدارية بدلاً من القضاء، بحيث تكون قراراتها قطعية وتحفظ ماء الوجه للعاملين وللجامعات وتمنع هدر المال والجهد في التقاضي بأمور اكاديمية وإدارية.
 
9- وقف التدخلات من اي جهة، في شؤون الجامعات، فالجامعات وجدت مستقلة ويجب ان تبقى مستقلة، اما ان يتم تعيين اعضاء مجالس الامناء والإدارات الجامعية بضغوط من جهات مختلفة ومتنفذة؛ فهو السبب لما وصلنا اليه من تراجع، وكذلك جنوح بعض رؤساء الجامعات لا بل تبرعهم لإرضاء المسؤولين والجهات الرقابية المؤثرة على وجودهم، من خلال التنفيعات والتعيينات وتبادل المصالح والتوسط في الترقيات والتوسط في تعيين القيادات في الجامعات وغيرها مما احبط تقدم بعض الجامعات وجعلها في إحتقان وإحباط أثر على مسيرتها لسنوات قادمة كما حصل بوقت غير بعيد..!.ولا نريد له أن يتكرر.
 
10- زيادة الرقابة على الجامعات الخاصة وادائها الأكاديمي، وسن التشريعات للحد من تدخل المالكين برؤساء الجامعات والعملية الأكاديمية والمالية، والتأكد من تطبيق القوانين والانظمة ومعايير الإعتماد وحسن سير العملية التدريسية، فالمخفي أعظم في بعضها.
 
11- استحداث مجلس يعنى بالتعليم التقني والمهني خاصة، مشابه لمجلس التعليم العالي يرسم السياسات والأستراتيجيات، والإشراف ويوحد الحاكمية ويلغي تعددها الحالي والعشوائية في توجيه التمويل والتخطيط للبرامج وربطها بسوق العمل.
 
12- مراجعة أسس القبول وعدم إعطاء استثناءات، تخل في العملية الاكاديمية بجامعاتنا.
 
13- نقل وتمثل تجارب عالمية ناجحة في التعليم الجامعي وفتح باب التعاون المثمر مع المؤسسات والجامعات والمؤسسات البحثية العالمية.
 
14- تفعيل الشراكة الفعلية مع القطاع الخاص، سواء في إعداد المناهج او التمويل او التدريب، أو البحث العلمي.
 
15- ثبات التشريعات وتوحيدها ووضوحها عامل مهم في رفع سوية التعليم العالي.
 
16- تفعيل التعاون بين الجامعات للإستثمار الأمثل للموارد البشرية والمادية والبنى التحتية، وفتح باب التفرغ العلمي بين الجامعات، وعدم تركه للمزاجية ونحن نرى قرارات مؤسفة لمجالس عمداء لمنع استقبال طلبات تفرغ علمي! واقترحت سابقاً مجلس رؤساء الجامعات لتنشيط التنسيق وتفعيل التكاملية بين جامعاتنا الوطنية.
 
17- المكرمات حق مكتسب ولكن يجب توجيهها وتقنينها بشكل صحيح.
 
18- توحيد التشريعات والرواتب وتعليمات الترقية وغيرها… وأقترحنا سابقا وحدة وطنية لإدارة الترقيات على المستوى الوطني لكل الجامعات عامة وخاصة.
 
20- إنشاء هيئة وطنية للقوى البشرية مقترح سابق وقد يحل محله وزارة التعليم والقوى البشرية بعد الدمج، تعمل على تنظيم تأهيل وتخريج القوى العاملة كما ونوعا من مختلف مستويات التعليم ومزودي التدريب، وإعادة النظر بهيئة تنمية المهارات المهنية والتقنية واستبدالها بمجلس التعليم التقني والمهني المقترح كما اسلفت.
 

 

هذا ما اسعفتني به الذاكرة بعجالة، وهنالك قضايا اخرى كثيرة ربما، نعترف جميعاً بأن مخرجاتنا ليست بمستوى الطموح، خاصة ونحن نرى جامعات دول مجاورة تتقدم عالمياً ونحن ما زلنا نتلمس الطريق..! ليس لدينا ترف الإنتظار… يجب ان نفعل كل شيء من اجل تعليم عالي متقدم، يشار له بالبنان مثلما كان في مراحل سابقة، وأعتقد ان تصريح معالي أ.د. وليد المعاني وزير التعليم العالي الأسبق؛ (شدشدة براغي التعليم العالي) ما زال مطلوباً وقائماً، وأجزم اننا بحاجة لثورة بيضاء تضع الامور في نصابها لتعليمنا العالي الذي نريد..!….حمى الله الاردن.

تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير