هل يصاب الرجال بسرطان الثدي؟
لا بد من معرفة أسباب سرطان الثدي لتجنب ما يمكن تفاديه منها كنوع من الوقاية، خصوصا لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، لكن هل يقتصر ذلك على النساء فقط أم يمكن أن يُصاب الرجال بسرطان الثدي؟
هناك العديد من أسباب الإصابة سرطان الثدي أو ما يُعرف بعوامل الخطر التي قد تزيد من فرص الإصابة به عند النساء والرجال!، نعم الرجال. ولكن وجود هذه العوامل لا يعني بالضرورة أن الشخص سيُصاب بالمرض.
وفي هذا المقال نتحدث بالتفصيل عن أسباب سرطان الثدي للنساء والرجال، كما نتطرق إلى توضيح أفضل سبل الوقاية من سرطان الثدي لكلا الجنسين...
أسباب سرطان الثدي عند النساء:
على الرغم من أن أسباب الإصابة بسرطان الثدي غير واضحة أو مفهومة تماماً، حتى أنها تجعل الأطباء في بعض الأحيان في حالةٍ من الحيرة أمام السبب في إصابة امرأة بسرطان الثدي وعدم إصابة امرأةٍ أخرى قد تكون لديها صفات ونمط حياة متشابه.
إلا أن هناك مجموعة من عوامل الخطر التي تشتهر بتأثيرها على احتمالية إصابة الإناث بسرطان الثدي، بعضها يمكن التحكم به وتوقيفه، لكن بعضها الآخر لا يمكن تغييره، وهي كما يلي:
العمر:
تزداد فرص الإصابة بسرطان الثدي مع تقدم العمر، خصوصاً عند بلوغ سن الخمسين عند النساء والمرور بفترة انقطاع الطمث، إذ إن حوالي 8 من كل 10 حالات من سرطان الثدي لدى النساء تحدث بعد سن الخمسين.
لذا؛ يجب أن تحرص السيدات، خصوصاً اللاتي تتراوح أعمارهن بين 50 و70 عاماً على إجراء الفحوصات الخاصة بالكشف عن سرطان الثدي كل 3 سنوات، فعامل السن من أهم أسباب سرطان الثدي عند النساء.
الكتلة أو سرطان الثدي السابق:
المرأة المصابة مسبقاً بسرطان الثدي أو مرّت بتغيرات مبكرة في الخلايا السرطانية غير الغازية (غير المنتشرة) في قنوات الثدي لديها، تكون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان مرةً أخرى، سواء في الثدي نفسه أو الثدي الآخر.
أما وجود كتلة حميدة في الثدي، فهي لا تُنذر بالإصابة بسرطان الثدي، لكن بعض أورام الثدي قد تزيد احتمالية الإصابة بالسرطان، كما أن بعض التغيرات الحميدة في أنسجة الثدي؛ مثل نمو الخلايا بشكلٍ غير طبيعي في القنوات وهو ما يُعرف بتضخّم قنوات الثدي غير النمطي، أو نمو الخلايا غير الطبيعية داخل فصوص الثدي وهو ما يُعرف باسم السرطان الفصيصي الموضعي، قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي.
الأشعّة:
إن التعرض للإشعاع؛ مثل الخضوع للأشعة السينية والتصوير المقطعي المحوسب، قد يرفع خطر الإصابة بسرطان الثدي ولكن بدرجةٍ طفيفة؛ لذا يجب على المرأة أن تُناقش طبيبها بشأن احتمالية الإصابة بسرطان الثدي جراء هذا العلاج.
وإذا كانت المرأة قد تلقّت علاجاً إشعاعياً في منطقة الصدر من قبل، والذي عادةً ما يُستخدم للقضاء على سرطان الغدد الليمفاوية، فهذا يزيد من فرص الإصابة بسرطان الثدي، ما يعني ضرورة المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج لرصد أي إصابة مُحتملة ومن أجل اتباع سبل الوقاية الممكنة لتفادي تكرار الإصابة.
التاريخ العائلي:
في حال وجود أقارب مصابين بسرطان الثدي أو سرطان المبيض، تكون المرأة أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي؛ لأن هناك بعض الجينات التي تزيد خطر الإصابة به والتي قد تنتقل من الأبوين إلى أبنائهم، مع الإشارة إلى أن سرطان الثدي يمكن أن يُصيب أكثر من فرد في العائلة نفسها؛ نظراً لأنه من أكثر السرطانات شيوعاً بين السيدات.
لذا؛ تُنصح النساء اللاتي ظهرت في أسرتهنّ إصابة بسرطان الثدي أو المبيض، بأن تزور الطبيب المختص لإجراء اختبار وراثي للجينات واتباع سبل الوقاية من المرض.
أنسجة الثدي الكثيفة:
من المعروف أن الثدي يتكوّن من آلاف الغدد الصغيرة التي تُسمى "فصيصات" وهي التي تُنتج الحليب، بينما الثدي ذي الأنسجة الغُدّية الكثيفة فهو يحتوي على عدد أكبر من خلايا الثدي مقارنةً بأنسجة الثدي العادية، وبالتالي يكون أكثر كثافة، وهذا يجعل المرأة أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي؛ نظراً لوجود المزيد من الخلايا التي يمكن أن تتحوّل إلى سرطانية، وهذا العامل من أبرز أسباب سرطان الثدي عند الفتيات.
عدا عن أن أنسجة الثدي الكثيفة تجعل قراءة فحص الثدي أكثر صعوبة عند إجراء التصوير الشعاعي للثدي، إذ تَصعب رؤية الكتل أو المناطق غير الطبيعية في أنسجة الثدي.
ومن الجدير بالذكر، أن النساء الأصغر سناً تكون أنسجة الثدي لديهنّ أكثر كثافة، ومع التقدم بالعمر، تقل كمية الأنسجة الغُدّية في الثدي ويتم استبدالها بالدهون، ما يعني أن الثدي يُصبح أقل كثافة بطبيعة الحال.
التعرض لهرمون الإستروجين:
يمكن للتعرض لهرمون الإستروجين الأنثوي لسنواتٍ طويلة أن يُحفز تكوين الخلايا السرطانية في الثدي ونموّها، إذ إن المبيضين يبدآن إنتاج هرمون الإستروجين عند بلوغ الفتيات؛ بهدف تنظيم الدورة الشهرية.
ولكن إذا بدأ الحيض في سنٍّ مبكّرة وانقطع الطمث في عمرٍ متأخّر نسبياً، فهذا يعني أن الجسم قد تعرّض للإستروجين على مدى فتراتٍ طويلة من الزمن، وهذا من شأنه أن يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي بدرجةٍ طفيفة.
وفي المقابل، فإن عدم الإنجاب أو إنجاب الأطفال في وقتٍ متأخّر نوعاً ما، قد يرفع خطر الإصابة بسرطان الثدي بشكلٍ طفيف؛ نظراً لأن تعرّض الجسم لهرمون الإستروجين لم ينقطع لمدةٍ طويلة متصلة بسبب عدم وجود حمل واستمرار نزول الحيض.
السمنة أو زيادة الوزن:
إن زيادة الوزن أو السمنة بعد فترة انقطاع الطمث، تجعل المرأة أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي، ويُفسّر ذلك بعلاقة سرطان الثدي مع إنتاج هرمون الإستروجين الأنثوي في الجسم، لا سيما وأن الوزن الزائد أو السمنة بعد سن اليأس قد تؤدي إلى إنتاج المزيد من الهرمون الأنثوي.
العلاج بالهرمونات البديلة (HRT):
يُعتبر العلاج بالهرمونات البديلة (HRT) ذا صلة وثيقة بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي، وذلك ينطبق على جميع أنواع العلاج التعويضي بالهرمونات، باستثناء هرمون الإستروجين الذي يتم إعطاؤه عن طريق المهبل، علماً أن الخطر المتزايد للإصابة بسرطان الثدي جرّاء تناول الهرمونات لا وجود له إذا تم تناولها مدة تقل عن عامٍ واحد.
وهذا يعني أن أخذ العلاج التعويضي بالهرمونات مدة تزيد على عام، يجعل المرأة أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي مقارنةً بالمرأة التي لا تستخدم الهرمونات البديلة على الإطلاق.
ولا بد من الإشارة إلى أن احتمالية الإصابة بسرطان الثدي تنخفض تدريجياً بعد التوقف عن العلاج التعويضي بالهرمونات، لكن بعض المخاطر المتزايدة بالإصابة تبقى لأكثر من 10 سنوات مقارنةً بالنساء اللواتي لم يستخدمن هذا العلاج.
حبوب منع الحمل:
تُعتبر النساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي ولكن بشكلٍ طفيف، وكما هو الحال بالنسبة للأدوية الهرمونية، تبدأ احتمالية الإصابة بالانخفاض مع التوقف عن تناول حبوب منع الحمل، كما يعود خطر الإصابة بسرطان الثدي إلى مستواه الطبيعي بعد مرور 10 سنوات من التوقف عن تناول هذه الحبوب.
الكحوليات:
يرتبط شرب الكحوليات بشكلٍ كبير بالإصابة بسرطان الثدي، حتى أن الأشخاص الذين يشربون الكحوليات بكمياتٍ قليلة بانتظام يكونون أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي مقارنةً بغيرهم من الأشخاص الذين لا يشربون الكحول على الإطلاق، كما أن خطر الإصابة بالمرض يزداد كلما زادت كمية المشروبات الكحولية المُستهلكة.
أسباب سرطان الثدي للرجال:
هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد فرص إصابة الرجال بسرطان الثدي، إلا أن وجود هذه العوامل لا يعني أن الرجل سيُصاب بسرطان الثدي، وفيما يلي نوضح أهم أسباب سرطان الثدي للرجال:
السن:
كما هو لدى النساء، يزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي مع تقدم العمر لدى الرجال أيضاً، وخصوصاً بعد سن الخمسين.
الطفرات الجينية:
تحدث بعض التغيرات الموروثة في جينات معينة وهي ما يُسمى بالطفرات التي قد تُصيب الجين BRCA وبالتالي ترفع خطر الإصابة بسرطان الثدي.
العلاج الإشعاعي:
إن الرجال الذين خضعوا للعلاج الإشعاعي لمنطقة الصدر مسبقاً هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
العلاج الهرموني:
قد يضطر الرجل لتناول بعض الأدوية التي تحتوي على هرمون الإستروجين، وهو هرمون يُسهم في تطوير الخصائص الجنسية الأنثوية والحفاظ عليها، علماً أن هذه الأدوية كانت تُستعمل لعلاج سرطان البروستاتا في الماضي، في حين أن كثرة تعرّض الجسم لهذا الهرمون قد يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي.
تليّف الكبد:
الإصابة بتليّف الكبد عند الرجال قد تؤدي إلى انخفاض مستويات هرمون الأندروجين، علماً أن الأندروجين هو مجموعة هرمونات تعمل على تطوير الخصائص الجنسية الذكرية والحفاظ عليها، كما يؤدي تليف الكبد إلى ارتفاع مستويات هرمون الإستروجين الذي يدعم الخصائص الأنثوية، وهذا يُسبب زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.
متلازمة كلاينفلتر:
تُعرف هذه المتلازمة بأنها حالة وراثية نادرة، يحمل فيها الذكر كروموسوم (X) إضافي، وهذا قد يتسبب بإنتاج هرمون الإستروجين بمستويات أعلى وهرمون الأندروجين بمستويات أقل في الجسم.
وفي بعض الحالات، قد تؤثر هذه المتلازمة على الخصيتين، بحيث تؤدي إلى إصابتها بالتورّم أو تجعل من الضروري إجراء جراحة لإزالة الخصيتين، وهذا من شأنه أن يزيد احتمالية الإصابة بسرطان الثدي عند الرجال.
التاريخ العائلي:
تكون فرص إصابة الرجل بسرطان الثدي أكبر إذا كان أحد أفراد عائلته مصاباً بسرطان الثدي.
زيادة الوزن والسمنة:
إن زيادة الوزن أو السمنة لدى الرجال الكبار في السن تجعلهم أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي مقارنةً بغيرهم من الرجال ذوي الوزن الصحي والطبيعي.
الوقاية من سرطان الثدي:
يمكن للطبيب أن يُحدد مستوى خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى الفرد عن طريق إجراء الفحوصات الدورية ومعرفة العمر والتاريخ الطبي العائلي ونتائج الاختبارات الجينية، وهناك العديد من الإجراءات والممارسات الفعالة في الوقاية من سرطان الثدي، خصوصاً لدى الفئات الأكثر عرضة للإصابة به، وهي كما يلي:
الوقاية من سرطان الثدي عند النساء:
ممارسة الرضاعة الطبيعية؛ والسبب في ذلك هو بقاء هرمون الإستروجين بمستوياتٍ مستقرة في الجسم خلال فترة الرضاعة الطبيعية، ما يُقلل فرص الإصابة بسرطان الثدي.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، فهي تُخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي بمقدار الثلث تقريباً.
اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، علماً أن هكذا نظام وبالتزامن مع ممارسة الرياضة، من شأنه أن يساعد في الوقاية من حالات طبية أخرى؛ مثل أمراض القلب، وداء السكري، بالإضافة إلى العديد من أنواع السرطان.
التقليل من تناول الدهون المشبعة.
الحفاظ على الوزن الصحي للجسم، خصوصاً في مرحلة انقطاع الطمث.
الامتناع عن شرب الكحوليات.
جراحة استئصال الثدي، ويتم فيها إزالة الثديين والتخلص من أكبر قدر ممكن من أنسجة الثدي، ومن الممكن إعادة بناء الثدي، إما أثناء العملية أو فيما بعد، علماً أن هذا الإجراء يمكن أن يُخفض فرص الإصابة بسرطان الثدي بنسبة تصل إلى 90%، وفي المقابل، هناك احتمالية لحدوث مضاعفات جراء العملية الجراحية؛ لذا لا بد من مناقشة هذا الخيار بسلبيّاته وإيجابياته مع الفريق الطبي.
تناول أدوية تقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي؛ وأبرزها عقار تاموكسيفين، والذي يُعطى للنساء، سواءً اللاتي في مرحلة انقطاع الطمث أو اللاتي لم يبلُغْنَها بعد، وعقار أناستروزول ورالوكسيفين، اللذان يُستخدمان للنساء اللاتي مرَرْن بسن اليأس، وعادةً ما يتم استهلاك هذه الأدوية مرةً واحدة يومياً على مدار 5 سنوات، فهي يمكن أن تُخفّض خطر الإصابة بسرطان الثدي أثناء فترة تناولها ولعدة سنوات بعد التوقف عن استهلاكها أيضاً، إلا أن هناك بعض الآثار الجانبية لهذه الأودية؛ بما في ذلك الشعور بالتعب، الهبّات الساخنة والتعرق، تشنجات الساق، هشاشة العظام، الإصابة بجلطات الدم أو سرطان الرحم؛ لذا ينبغي مناقشة كل هذه المخاطر مع الطبيب قبل تناول الدواء.
الوقاية من سرطان الثدي عند الرجال:
ممارسة الكثير من التمارين الرياضية بانتظام.
الحفاظ على الوزن الصحي.
تجنب شرب الكحول.
إجراء الاختبارات الجينية، والتي تُفيد في معرفة ما إذا كانت هناك طفرة جينية (BRCA1 أو BRCA2) تزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي، وذلك للرجال الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، ففي حال وجود هذه التغيّرات الجينية، يجب زيارة الطبيب لإجراء الفحوصات الدورية بشكلٍ متكرر.
بغض النظر عن وجود أسباب سرطان الثدي وتوفر عوامل الخطر لدى الفرد، تبقى الفحوصات الدورية هي الأساس في الوقاية من سرطان الثدي؛ لذا ينبغي على النساء والرجال إجراء الاختبارات بشكلٍ دوري، وفق ما يوصي به الطبيب المختص، سواءً كل عام أو عامين أو ثلاثة. (ليالينا)