القعير يكتب :اتفاقيات عربية ضرب من الخيال... لماذا؟
إبراهيم القعير
ذكرت القناة 12 العبرية أن الدولة العبرية وسوريا تقتربان من توقيع اتفاقية أمنية جديدة بوساطة أمريكية وبرعاية دول الخليج، في خطوة بدت حتى وقت قريب ضربًا من الخيال، إذ إن الحكومة الصهيونية تضع جميع شروطها كما تشاء بدعم أمريكي وعربي، تحت ذريعة الحفاظ على أمنها وأمن شعبها، على حساب أمن الدول الأخرى وشعوبها.
يحظر الاتفاق نشر أسلحة استراتيجية داخل سوريا بما في ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، للحفاظ على حرية الحركة والتفوق الجوي لسلاح الجو الصهيوني في المنطقة، إضافة إلى نزع السلاح من مرتفعات الجولان السورية من دمشق إلى السويداء لحماية حدودهم.
ومن الملاحظ أنها الشروط ذاتها التي تُفرض على الحكومة اللبنانية، وعلى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة. كما أن الولايات المتحدة تمهل العراق ثلاثة أسابيع لتقديم خطة لنزع سلاح الفصائل المسلحة، مهددة بعقوبات صارمة، إلى جانب ضغوط مشابهة على دول عربية أخرى. إنها قمة البلطجة.
كل هذه الشروط تُفرض على الدول العربية من أميركا بمساعدة بعض الحكومات العربية، وهي مخالفة للقانون الدولي والإنساني. فمن حق الشعوب الدفاع عن نفسها ومقاومة المحتل والمغتصب للأرض قانونًا وشرعًا، وهو ما أجمعت عليه جميع الدول. فلماذا إذن تُخالف واشنطن هذا الحق وتفرض شروطًا لحماية كيان غاصب محتل، ارتكب جرائم حرب وأباد الملايين من أبناء الشعوب العربية؟
ولا تقف المسألة عند هذا الحد، بل يسيطر الكيان الصهيوني على الطاقة بأنواعها، والغذاء والدواء، وحتى على مستوى تسليح الجيوش العربية. وكأن الأمر "حلال عليهم وحرام علينا".
إن هذه الشروط تؤدي إلى تكريس الاستعمار والاحتلال والفاشية والعنصرية والإمبريالية الصهيونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمنذ عقود وهم يفرضون حالة عدم الاستقرار في المنطقة، ويثيرون النزاعات والخلافات بين الشعوب.
الشعوب في المنطقة غير راضية عمّا تفعله الحكومات من خضوع للكيان الصهيوني وأميركا، وتنفيذ شروطهما المجحفة بحقها أمام أنظار العالم الحر المستقل، في وقت تُنهب فيه خيرات بلادهم ويعيشون تحت خط الفقر والجهل، محرومين من السلاح، ومن حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والأخلاقية، ناهيك عن العدالة.
لقد تم تقسيم الأمة العربية حتى غدت أقليات إقليمية لا ينصر بعضها بعضًا. فهذا الشعب السوداني واليمني والفلسطيني يموت جوعًا أمام أنظارهم، عاجزين عن إدخال رغيف خبز إلا بأمر صهيوني. كما جرى تقسيم الأمة الإسلامية إلى فرق وطوائف تتناحر فيما بينها، في ظل عجز علماء الأمة عن تطبيق الشريعة الإسلامية.
أحداث الشرق الأوسط أثبتت غياب العدالة والإنسانية والأخلاق، وكشفت أكذوبة حقوق الإنسان، سواء فيما يتعلق بالأطفال أو النساء أو حتى الحيوانات. كما أثبتت عدم فاعلية القوانين الدولية ومحكمة الجنايات الدولية والعدالة الدولية. الديمقراطية ليست سوى أكذوبة أخرى، تُستخدم لتعزيز الاستبداد والظلم وحماية الطغاة في العالم.

