إسرائيل تسرق حمير غزة
في مشهد يعكس المفارقات المأساوية للواقع في قطاع غزة، تحولت الحمير، تلك الوسيلة التقليدية البسيطة للتنقل والعمل، إلى ضحايا جديدة للحصار الإسرائيلي المستمر. إذ كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قيام الجيش الإسرائيلي بنقل مئات الحمير من غزة إلى داخل الأراضي المحتلة، بزعم "إنقاذها من صدمات نفسية وجسدية".
وأفادت قناة "كان" الإسرائيلية بأن الجيش نقل هذه الحمير إلى مزرعة تديرها جمعية إسرائيلية تدعى "لنبدأ من جديد"، متخصصة في رعاية الحمير. وأكدت مسؤولة الجمعية أنهم لن يسمحوا بعودة الحمير إلى غزة، وسيعملون على إخراج ما تبقى منها، خشية استخدامها في عمليات إعادة إعمار القطاع.
كما أشارت القناة إلى أن جزءاً من الحمير نُقل إلى فرنسا، حيث تتوفر مساحات واسعة للحيوانات، ويتم الإعداد لنقل دفعات أخرى إلى بلجيكا. ورغم هذا الدعم الظاهر، وصفت مسؤولة الجمعية وضع الحمير النفسية والجسدية بأنها "صعبة"، مشيرة إلى أن هذه الحيوانات كانت تعيش حياة قاسية تُشبه العبودية، إذ كانت تستخدم في نقل الرمل ومواد البناء، ولاحقًا في حمل الأثاث والناس بعد الحرب.
وأثارت هذه الخطوة، التي وُصفت على نطاق واسع بأنها "سرقة علنية"، موجة من الغضب والسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر ناشطون أن الاحتلال لم يكتفِ بمصادرة الأرض والحقوق، بل تجاوز ذلك ليطال حتى وسائل النقل البدائية التي يعتمد عليها السكان لمواجهة آثار الحصار والدمار.
ووصف العديد من المدونين ما حدث بأنه سرقة واضحة، مؤكدين أن دولة "نشأت على أرض مسروقة" لا يمكن أن تتوقف عند هذا الحد. وأشار آخرون إلى أن الحمير في غزة لا تسلم من الإعدامات والتجويع، وإن نجت من ذلك، فإنها تواجه المصادرة والترحيل في مشهد يعكس حجم المعاناة في القطاع.
كما أكد ناشطون أن السبب الحقيقي وراء مصادرة الحمير هو تعطيل شريان حياة السكان، إذ تستخدم لنقل النازحين والأمتعة والجرحى والشهداء، فيما احتفى السكان بتكريم هذه الحيوانات الشهر الماضي تقديراً لدورها الحيوي.
وتساءل مغردون: "من الذي يعذب ويقتل الحمير فعلاً؟ فهي تعاني مثل البشر من القصف والحصار والجوع في غزة". وأطلق آخرون تساؤلات ساخرة حول سرقة الحمير من غزة، ما بين "إنسانية معوجة" أو "امتداد لسياسة الإبادة".
وفي السياق نفسه، اعتبر نشطاء الخطوة انتهاكاً صارخاً لحقوق الحيوانات وسكان القطاع، واصفين نقل الحمير إلى الخارج بأنه ترحيل قسري. وكتب أحدهم: "هذا هو معنى الإجرام بكل تفاصيله… حتى الحمير يُسرقون ليشقى أهل غزة".
وأبدى آخرون استغرابهم من استمرار سياسة السرقة الإسرائيلية التي وصلت إلى حد مصادرة الحمير، معتبرين أنها جزء من خطة لقتل كل أشكال الحياة وتهجير السكان.
ووصف ناشطون إسرائيل بأنها "لصوص الحمير"، حيث لم تكتفِ بسرقة الأراضي والأرواح، بل منحت الحمير "حق اللجوء" في فرنسا، في موقف مثير للسخرية والمرارة معاً.
ورأى مدونون أن الهدف الحقيقي هو تعطيل الحياة اليومية للفلسطينيين، من خلال مصادرة آخر وسائل النقل المتاحة لهم بعد تدمير البنية التحتية وحصار الوقود، مؤكدين أن الجيش الإسرائيلي كان يستهدف الحمير والأحصنة خلال العمليات العسكرية كما لو كانت لعبة قتل.
وأكد البعض أن هذه الحيوانات لم تُنقل بدافع الرحمة، بل لأن الاحتلال يرى فيها وسيلة لتعميق الحصار، وشل حركة السكان، وفرض واقع خانق على حياة أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة.

