العموش لـ"أخبار الأردن": خطر يداهم الأردن... ولحظة الاختبار الحقيقي قادمة
قال الوزير الأسبق بسام العموش إنّ السابع من أكتوبر مثّل زلزالًا سياسيًا واستراتيجيًا أعاد رسم ملامح المشهد الإقليمي، بل عجّل باندفاع القوى الدولية والإقليمية نحو إحداث تغييرات جذرية في بنية الشرق الأوسط.
وأوضح في تصريح خاص لصحيفة "اخبار الأردن" الإلكترونية أن الحلم الصهيوني موثّق في كتاب شمعون بيريس "الشرق الأوسط الجديد"، وقد ظلّ طيّ الأدراج لعقود بسبب افتقار الظروف المواتية، إلا أن هذا التاريخ الدموي أعاد بعثه في سياق جديد، تتشابك فيه خيوط الدم والمصالح والنفوذ.
وبيّن العموش أن شعوب المنطقة خرجت ذات يوم تبحث عن تحوّلٍ سياسي واقتصادي واجتماعي يعيد للإنسان العربي شيئًا من كرامته المهدورة، لكنّ هذا الربيع الشعبي لم يلبث أن اختُطِف لصالح دكتاتوريات جديدة صاعدة، سالت الدماء في شوارع عواصم عربية عريقة، وأُنهِكت المجتمعات بالحروب الأهلية والمشاريع الطائفية، وفي غمرة ذلك، ضاعت القضية الفلسطينية في زحام الانشغال بالصراعات الداخلية، وتقدّمت أنظمةٌ عربيةٌ على مسار التطبيع التدريجي مع الكيان الغاصب.
وأشار إلى أنّ السابع من أكتوبر أعاد تثبيت البوصلة نحو فلسطين، حين أطلّ شلال الدم النازف في غزة بما فاق أسوأ توقّعات المخطّطين أنفسهم، وانكشفت الهشاشة الأخلاقية للهولوكوست الألماني، حين قورنَ بالمحرقة الفلسطينية المفتوحة على مرأى العالم؛ بينما عمّ العجز العربي والإسلامي المريع، حتى عن تقديم أبسط أشكال الإغاثة الإنسانية، فتكوّنت مجاعة حقيقية، وارتفع عدّاد الشهداء يوميًا بلا هوادة.
على الضفة الأخرى، جاء دونالد ترامب رجل الصفقات الباردة، الذي لا يرى في دماء الغزيين إلّا عقبة أمام مشروع اقتصادي مغرٍ، حيث لفت نظره جمال الساحل الغزي وصلاحيته لاستثمارات كبرى، وتحت ستار "الرحمة" الزائفة، ضغط على الأردن ومصر لاستضافة أهل غزة "مؤقتًا" ريثما تُعمر المدينة المدمّرة، في محاولة لتفريغها ديموغرافيًا، وهو احتيالٌ سياسي مكشوف ارتدى ثوب الإنسانية، لكنّ موقف الأردن ومصر الرافض لتهجير الغزيين أفشل هذا المخطط جزئيًا، لتستمر المذبحة كأداة ضغط حتى تكتمل ترتيبات أكبر.
وفي ظل انشغال العالم بمأساة غزة، تُطبخ على نار هادئة خطةٌ أخطر تتمثل في تفريغ الضفة الغربية ديموغرافيًا بتهجير مئات الآلاف من أبنائها إلى الأردن، ربما تحت عنوان قانوني يتمثل في منحهم الجنسية الأردنية، فتتبدّل التركيبة السكانية جذريًا، وهذه ليست مجرد قراءة تحليلية؛ بقدر ما هي جزء من مشروع شامل لإعادة ترتيب المنطقة سياسيًا وديموغرافيًا، بالتوازي مع موجات تطبيع عربية إضافية تُسوَّق باعتبارها مفتاح "الاستقرار" الإقليمي.
ولا يتوقّف مشروع إعادة الترتيب عند فلسطين والأردن، فهو يتمدد ليشمل ساحات عربية أخرى، كما نرى في لبنان، وسوريا، واليمن، وليبيا، والسودان؛ إذ تُرسم خرائط جديدة تُراعي مصالح القوى الكبرى وحلفائها المحليين، بينما تُهمل بالكامل تطلعات الشعوب للعدالة والحرية والتنمية.
ونوّه العموش إلى أن الأردن يقف في موقف بالغ الحساسية؛ يعاني من أزمة اقتصادية ضاغطة، وتراجع المساعدات العربية، وشروط قاسية من العون الغربي، ما يجعله عرضةً لمحاولات الابتزاز السياسي، ومن هنا، تبدو الحاجة ماسّةً أكثر من أي وقت مضى إلى تمتين الجبهة الداخلية، وإنتاج إدارة سياسية قوية تمتلك رؤية استراتيجية؛ سواء في الحكومة أو البرلمان، كما أنّ إعادة النظر في السياسات الاقتصادية أصبحت ضرورة وطنية كبرى، لدعم جهود جلالة الملك في التصدي لمشاريع التهجير والتصفية.
وأردف أن إنّ حجم الخطر الداهم يفرض على الأردن أن يستنفر وعي شعبه وصلابة دولته، ليكون قادرًا على إفشال المخططات التي تُحاك في الظلام، فلحظة الاختبار الحقيقي قادمة، ولا بدّ أن يكون الجواب أردنيًا خالصًا، وهي ثقة بالذات، ووحدة وطنية، ومشروع مقاومة سياسية ذكية ترفض الإملاءات مهما كان الثمن.

