"فيتنام غزة".. نتنياهو في مرمى نيران الداخل الإسرائيلي

تصاعدت الانتقادات داخل الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على خلفية استمرار الحرب على غزة، وسط تلميحات إلى أن إسرائيل باتت تخوض معركة استنزاف طويلة الأمد تشبه حرب فيتنام، دون أفق استراتيجي واضح أو نتائج ملموسة.

وتزامنت موجة الانتقادات الأخيرة مع زيارة نتنياهو إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت طغت فيه أخبار مقتل الجنود الإسرائيليين في غزة على أي إنجازات دبلوماسية محتملة.

وفي تحليل حاد نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وصف الكاتب الإسرائيلي ناداف أيال الحرب الجارية في غزة بأنها "كارثة فيتنامية"، محذرًا من أن الاحتلال الكامل للقطاع قد يكون خطأ أكبر من الذي ارتكبته الولايات المتحدة في فيتنام والعراق.

وقال أيال إن الخسائر البشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي تتزايد، إذ قُتل 38 جنديًا منذ مارس/آذار الماضي، معظمهم خلال شهر يونيو وحده، ما ينسف الادعاءات الرسمية حول "انهيار قدرات حماس". وأضاف أن الكمائن التي نفذتها المقاومة، مثل كمين بيت حانون، حدثت على بعد كيلومترين فقط من السياج الحدودي، في مناطق كان يُفترض أنها "آمنة"، وهو ما يكشف فشل استراتيجية "المحيط الأمني".

"لا انتصار في الأفق.. ولا خطة واقعية لما بعد الحرب"

وأشار الكاتب إلى أن الشعارات التي ترفعها الحكومة الإسرائيلية، مثل "نزع سلاح حماس" و"منعها من الحكم"، تعني عمليًا فرض حكم عسكري مباشر على غزة، وهي خطوة ستدخل إسرائيل في مستنقع استنزاف دائم، مؤكدًا أن "حماس لم تُهزم، بل تعيد إنتاج نفسها".

وسخر أيال من الحديث عن "خطة رفح الإنسانية"، معتبرًا إياها "وهماً جديداً"، متسائلًا: "كيف يمكن تهجير مليوني فلسطيني إلى جنوب القطاع؟ من سيموّل ذلك؟ وكيف سيتم منع عودة حماس؟ حتى المخططين أنفسهم لا يملكون إجابات".

انتقادات داخلية حادة: نتنياهو منشغل بالدعاية وترامب

وفي سياق متصل، هاجم الكاتب رانان شاكيد، في مقال آخر بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أداء نتنياهو واصفًا إياه بـ"المنفصل عن الواقع"، ومؤكدًا أن رئيس الوزراء منشغل بالتقاط الصور مع ترامب في واشنطن، بينما يقتل الجنود يوميًا في الميدان.

وأضاف شاكيد: "640 يومًا مرت منذ بدء الحرب، والمفاوضات بشأن الأسرى ما زالت بطيئة ومبهمة. يتم الترويج لوهم النصر، بينما الواقع ميدانيًا يتدهور".

مقارنة قاتمة: فيتنام.. العراق.. وأفغانستان

وتتقاطع مقالات المحللين الإسرائيليين في تقييمهم لطبيعة الحرب، حيث يجمع العديد منهم على أن استمرار المعركة دون خطة واضحة لما بعد حماس، سيحوّل غزة إلى "سجن مفتوح"، ويجعل من الاحتلال عبئًا أخلاقيًا واستراتيجيًا باهظ التكلفة لإسرائيل.

وختمت الصحيفة الإسرائيلية خلاصة الهجوم على نتنياهو بأن ما يجري في غزة هو "حرب بلا نصر، وسياسة بلا رؤية، واستنزاف يومي يذكّر الإسرائيليين بتجارب فيتنام وأفغانستان والعراق".