غزة... صفحة مؤسفة في سجل العرب

{title}
أخبار الأردن -

 

قال الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي، زكي بني ارشيد، إنّ المنظومة الدولية، كما بات مسلَّمًا به في أدبيات العلاقات السياسية المعاصرة، لا تُبنى على عواطف الجماهير ولا على الشعارات المبدئية، فهي تستند، في جوهرها، إلى منطق المصالح العليا واعتبارات درء المفاسد وتحييد الأخطار.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنّ معظم الدول – حتى تلك التي تدّعي حيادًا أو تبني خطابًا مبدئيًا – تمرّ بمراحل مركّبة من الاستنزاف السياسي، أو الاقتصادي، أو السيادي، دون أن يعني ذلك تعطيل أدوات التنمية، أو تعليق المسارات الديمقراطية، أو التخلّي عن استحقاقات بناء الدولة الحديثة.

وبيّن بني ارشيد أن الضرورات الاستراتيجية تُملي على الدول ذات البُنى الهشّة أو المهددة خارجيًا، أن تحرص – على نحو مزدوج – على حماية الجبهة الداخلية، وتحصين المجتمع بمقوّمات الاستقرار، وتأمين توازن ديناميكي بين مقتضيات الأمن القومي ومتطلبات الحريات والعدالة الاجتماعية، حتى لا تجد نفسها ضحية لعوامل الانهيار الناعمة التي تنشأ من الداخل أكثر مما تتولد عن خصوم الخارج.
أما في الحالة الفلسطينية، وتحديدًا في غزة، فإنها تمثّل تجلّيًا حادًّا ومؤلمًا لخذلان عربي تاريخي، وتُجسّد، في الوقت نفسه، أعلى درجات الصمود الشعبي والمقاومة المجتمعية رغم الحصار والانكشاف السياسي، مضيفًا أن هذه الرقعة المحاصَرة، والمُنهكة اقتصاديًا وإنسانيًا، تُعيد صياغة مفهوم الكرامة في ظل العجز الكامل للمنظومة الرسمية العربية، التي باتت في كثير من الأحيان عاجزة حتى عن إنتاج خطاب سياسي موحد تجاه الجرائم اليومية المرتكبة بحق الفلسطينيين.

ونوّه إلى أنه من غير المنطقي – بل من الخطأ الاستراتيجي – الرهان على أن الحسم النهائي في الصراع الوجودي مع إسرائيل يمكن أن يُنجز من خلال غزة فقط، لأن طبيعة هذا الصراع تتجاوز المحددات الجغرافية والقدرات العسكرية إلى فضاء أوسع من تفاعلات العقيدة السياسية والاصطفافات الإقليمية والتحالفات الدولية.

واستطرد بني ارشيد قائلًا إن إسرائيل نفسها، رغم تفوقها العددي والتكنولوجي، تعيش اليوم حالة استنزاف معقدة وغير مسبوقة، تمتد من عمق الجبهة الداخلية، التي تعاني من التآكل الاجتماعي والتصدّع السياسي، إلى فشل نُخبها الحاكمة في ترجمة التفوق العسكري إلى مكتسبات استراتيجية طويلة الأمد، كما أن استمرار الغرق في مستنقعات العمليات اليومية والاستنزاف الجيو - سياسي، يكشف محدودية خياراتها، وفشل أدواتها التقليدية في فرض الحسم أو تحقيق الردع المطلق.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية