الضمان يحذر الأردنيين من التقاعد المبكر
فتحت قرارات إحالة عدد من الموظفين في القطاع العام إلى التقاعد المبكر خلال الفترة الأخيرة، باب التساؤلات حول جدوى هذه السياسة ومدى تأثيرها على حياة الموظف ومؤسسات الدولة على حد سواء، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من تبعات مالية واجتماعية وقانونية.
وأكد مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي بالوكالة، جاد الله الخلايلة، أن التقاعد المبكر يجب أن يُعامل كاستثناء وليس قاعدة، محذرًا من آثاره السلبية على راتب الموظف، الذي يتراجع بنحو 40% مقارنة براتبه الأصلي، بالإضافة إلى منعه من العودة إلى العمل بذات وظيفته لمدة عامين على الأقل.
الضمان: لا إجبار ولكن الأثر خطير
وقال الخلايلة لإذاعة "عين"، إن إحالة الموظفين إلى التقاعد المبكر لا تتم بالإجبار من قبل المؤسسة، بل تسعى المؤسسة للحد من هذه الظاهرة. وأوضح أن القانون الجديد للضمان يسمح للمتقاعد المبكر بالعمل لاحقًا في قطاع آخر، بشرط مرور 24 شهرًا من التقاعد، وألا يكون قد عمل في المؤسسة ذاتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وتشير أرقام البنك المركزي وتقارير الضمان إلى أن المتقاعد المبكر يحصل على حوالي 60% من راتبه الأصلي، وفي حال التحق بعمل جديد يُطالب بدفع اشتراكات جديدة يتم احتسابها لاحقًا عند بلوغه سن الستين، وهو ما يعيد ترتيب حقوقه التأمينية لاحقًا.
الصبيحي: إحالات دون طلب وغياب للأسس
من جهته، انتقد خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، غياب أسس واضحة لإحالة الموظفين في القطاع العام إلى التقاعد المبكر، مؤكداً أن القرار غالبًا ما يُتخذ دون رغبة الموظف، ويعتمد على نظام إدارة الموارد البشرية الذي يتيح إنهاء خدمة الموظف بحجة "الإهمال" دون معايير دقيقة.
وأضاف أن الحكومة تتريث عادة حتى يستوفي الموظف شروط التقاعد المبكر، ثم تنهي خدمته لتفادي الطعن القانوني، ما يخلق شعورًا بالغضب لدى الموظف المفصول، خاصة وأن معظم المحالين تتراوح أعمارهم بين 47 و54 عامًا، أي قبل الوصول إلى سن الشيخوخة الرسمي (60 عامًا).
أرقام مقلقة وتحذير من عجز مرتقب
وبحسب تقديرات الصبيحي، تم إحالة نحو 25 ألف موظف إلى التقاعد المبكر قسرًا، وهو ما وصفه بـ"المخالفة القانونية". كما حذّر من أن هذا التوسع المفرط في التقاعد المبكر يهدد الاستدامة المالية لمؤسسة الضمان الاجتماعي، مشيرًا إلى أنه خلال ست سنوات فقط قد تتساوى إيرادات المؤسسة مع نفقاتها.
وأكد أن نفقات التأمين تستحوذ حاليًا على نحو 86% من الإيرادات، في ظل تضاعف أعداد المتقاعدين بشكل عام بنسبة 100% خلال العقد الأخير، فيما ارتفعت نسبة المتقاعدين مبكرًا بـ185% خلال الفترة ذاتها.
ويرى الصبيحي أن التقاعد المبكر لا يُنهي الأزمة بل ينقلها إلى سوق العمل، حيث يزاحم المتقاعدون المبكرون الخريجين الجدد، ويقبلون برواتب متدنية لاستكمال دخلهم التقاعدي، مما يسهم في زيادة البطالة وخلق اختلالات اقتصادية إضافية.
ويمنع القانون المتقاعد المبكر من العمل في وظيفة خاضعة للضمان لمدة لا تقل عن 24 شهرًا، وإذا ثبت أنه خالف هذا الشرط، يُحرم من راتبه التقاعدي بالكامل.

