الشوشان لـ"أخبار الأردن" تدهور بيئي متسارع... والاستجابة الرسمية دون المستوى

{title}
أخبار الأردن -

•  مؤشرات مقلقة بفعل التغير المناخي وشُحّ الموارد المائية والاستجابة المؤسسية دون مستوى

•    بعض التجمعات السكانية تواجه خطر فقدان مقومات بقائها

•    خليج العقبة... آخر الملاذات الطبيعية التي لم تخضع كليًا لسطوة التغير المناخي

•    المشاريع البيئية أسيرة حلقة مفرغة من الدراسات والتقارير دون إحداث فارق ملموس

•    غياب المساءلة الصارمة التي تُحافظ على هيبة القانون وتضمن احترامه

•    البيئة أحد الأعمدة الصلبة للأمن الشامل بمفهومه الحديث

•    الخطط والبرامج لن تؤتي ثمارها في ظل بيئة مهددة ومستنزفة


رغم وتيرة التدهور البيئي المتسارعة التي تُحاصر الأردن عامًا بعد عام، وما يرافقها من مؤشرات مقلقة بفعل التغير المناخي وشُحّ الموارد المائية، ما تزال الاستجابة المؤسسية تبدو، في جوهرها، دون مستوى التحديات الزاحفة التي تُهدّد الأمن المائي والزراعي معًا، وفقًا لما قاله رئيس اتحاد الجمعيات البيئية عمر الشوشان.

وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أن ضعف الموسم المطري لهذا العام أسهم في ترسيخ حالة الجفاف في مناطق متفرقة من المملكة، الأمر الذي انعكس بوضوح على خصوبة الأراضي الزراعية واستدامة مصادر الرزق الطبيعية، حتى باتت بعض التجمعات السكانية تواجه خطر فقدان مقومات بقائها.

وبيّن شوشان أن اهتمام الخطاب السياسي الأردني الملحوظ والمتنامي بقضية البيئة، تجلّى في التوجيهات الملكية السامية والمواقف المتكررة لجلالة الملك عبد الله الثاني الداعمة لحماية الموارد الطبيعية بوصفها ركيزةً للأمن الوطني، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك دعم جلالته المستمر للمشاريع الهادفة إلى صون الحياة البحرية في خليج العقبة، هذا النظام البيئي الذي يُعد من آخر الملاذات الطبيعية التي لم تخضع كليًا لسطوة التغير المناخي، حيث شهدت السنوات الماضية إطلاق مبادرات لحماية الشعاب المرجانية، ومراقبة جودة المياه بما يضمن استدامة التنوع الحيوي.

غير أن هذا الزخم السياسي الإيجابي، ورغم أهميته الرمزية والاستراتيجية، لم يجد ترجمته الكافية على أرض الواقع ضمن أداء المؤسسات الرسمية المعنية بالشأن البيئي، وفي مقدمتها وزارة البيئة، وفقًا لما قاله لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، مضيفًا أن الكثير من المشاريع البيئية، خصوصًا تلك الممولة من جهات دولية، لا تزال أسيرة حلقة مفرغة من الدراسات والتقارير دون أن تُحدث فارقًا ملموسًا في الحدّ من التلوث أو تحسين جودة الموارد الطبيعية، مع ما يضاف إلى ذلك من قصور واضح في التنسيق بين الجهات الرسمية، وغياب قاعدة بيانات بيئية وطنية شاملة وموثوقة، الأمر الذي يعقّد من مهمة التخطيط المستقبلي القائم على أدلة علمية.

ونوّه شوشان إلى أن غالبية جهود المؤسسات الدولية والإقليمية العاملة في الأردن تتركز حول أنشطة ذات طابع شكلي؛ من مؤتمرات، وورش عمل، ولقاءات دعائية، عوضًا عن الاستثمار الجاد في بناء قدرات المجتمعات المحلية، ودعم المشاريع الإنتاجية المستدامة، وتعزيز منظومة الرصد والإنذار المبكر تجاه الأخطار البيئية المتزايدة، أما الإطار التشريعي البيئي، ورغم وجوده الاسمي، فلا يزال يعاني من ضعف في آليات التطبيق، وغياب المساءلة الصارمة التي من شأنها أن تُحافظ على هيبة القانون وتضمن احترامه.

ولفت الانتباه إلى أن البيئة في الأردن، في جوهرها، تمثل أحد الأعمدة الصلبة للأمن الشامل بمفهومه الحديث، وتُلامس مباشرة أبعاد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء، وعليه، إن ما نحتاجه اليوم هو إصلاح مؤسسي جذري يُعيد ترتيب أولويات التمويل، ويرفع كفاءة الأداء التنفيذي للمؤسسات البيئية، ويوسّع إطار الشراكة مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على قاعدة الالتزام المشترك.

وأردف أنه لا يمكن لأي خطط اقتصادية أو برامج اجتماعية أن تؤتي ثمارها على المدى الطويل في ظل بيئة مهددة ومستنزفة، مستطردًا أن الأردن، بما يملكه من إرث طبيعي فريد وإرادة سياسية صادقة، قادر – إذا ما توفرت الإرادة المؤسسية الجريئة – أن يتحول إلى نموذج عربي وإقليمي في التوازن بين ضرورات التنمية ومتطلبات حماية البيئة؛ بما يكفل حق الأجيال القادمة في موارد طبيعية سليمة ومستدامة.

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية