إيران بين فكي كماشة.. حرق المنطقة أم الإذعان؟

{title}
أخبار الأردن -

 

قال خبير الطاقة عامر الشوبكي، إنه في أعقاب العملية الأمريكية الأخيرة ضد منشآت نووية إيرانية، يتسع بنك الأهداف المحتملة في المنطقة ليشمل مواقع استراتيجية لدى الطرفين، وسط تزايد المؤشرات على دخول المنطقة مرحلة "اللاحصانة" وفتح الأبواب أمام كافة السيناريوهات التصعيدية، سواء ضد القواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط، أو البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، أو منشآت الطاقة في الخليج.

بنك الأهداف الإيراني المحتمل

وأوضح الشوبكي في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن الرد الإيراني قد لا يقتصر على أهداف داخل إسرائيل، وإنما قد يمتد – وفقًا لتهديدات مباشرة صدرت عن طهران – إلى القواعد الأمريكية في الأردن، والعراق، وسوريا، والسعودية، والكويت، وقطر، والبحرين، وسلطنة عمان، إضافة إلى أهداف حيوية كقناة السويس التي تُعد ممرا استراتيجيًا للسفن الأمريكية نحو المنطقة.

من بين الأهداف الأكثر حساسية، يظهر مفاعل ديمونا الإسرائيلي، الذي يُعتقد بأنه يعمل على إنتاج البلوتونيوم، رغم شح المعلومات المتوافرة عنه، وفقًا لما صرّح به الشوبكي، مضيفًا أن استهداف هذا المفاعل - في حال وقوعه - قد يؤدي إلى كارثة إشعاعية ستطال منطقة الشام والخليج، بل ربما قد تمتد إلى أبعد من ذلك جغرافيًا.

وأردف الشوبكي أن منشآت الطاقة الإسرائيلية تحتل حيزًا بارزًا في حسابات طهران، وعلى رأسها حقل "لفيتان" الذي يزوّد الأردن بالغاز، وحقل "تمار" الذي يمد مصر، وأي استهداف لتلك الحقول أو لمحطات توليد الكهرباء داخل إسرائيل قد يؤدي إلى شلل كامل في الحياة المدنية، ويُسجَّل أن الطائرات المسيّرة الإيرانية رصدت هذه المنشآت سابقًا، في عمليات استكشافية.

الجبهة الخليجية... أهداف خارج إسرائيل

وأشار إلى أن التصعيد المحتمل لا يقتصر على إسرائيل، فإيران قد توسّع دائرة الأهداف لتشمل منشآت النفط والغاز الخليجية، والتي تعمل تحت مظلة شركات غربية، مستطردًا أن هذا التوجه، في حال تحقّق، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط عالميًا، ويضع ضغوطًا اقتصادية مباشرة على الولايات المتحدة، مع ما يُضاف إلى ذلك من احتمال استهداف مضيق هرمز، الذي يُعد أحد أهم ممرات الطاقة في العالم، فأي إغلاق لهذا الممر، بالتوازي مع إغلاق مضيق باب المندب من قبل الحوثيين، قد يُدخل المنطقة في أزمة طاقة خانقة، مع تعطيل تصدير النفط من دول الخليج.

الحرب وجودية والنظام الإيراني في مأزق استراتيجي

ونوّه الشوبكي إلى أن طبيعة الصراع الحالي تتجاوز الطابع التكتيكي لتأخذ بعدًا وجوديًا، سواء بالنسبة للنظام الإيراني أو للكيان الإسرائيلي، ذلك أن الضربات الأخيرة وجّهت ضربة قاصمة لـ"هيبة" النظام الإيراني، خاصة مع استهداف منشآت كانت تُعد محرّمة أو عصيّة في السابق، الأمر الذي أضعف مكانة النظام داخليًا، وفتح الباب أمام احتجاجات مرتقبة في حال قبوله بشروط غربية تُنهي تخصيب اليورانيوم.

ولفت الانتباه إلى أن هناك سيناريو قد يُجبر فيه النظام على توقيع اتفاق نووي جديد دون مقابل واضح، ما سيؤدي إلى غضب شعبي داخلي يستند إلى حجة مفادها: "لماذا عانى الشعب الإيراني عقودًا من العقوبات إذا كنتم قادرين على وقف البرنامج النووي اليوم؟".

في المقابل، لا يبدو أن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستسمحان ببقاء النظام الإيراني، ليس فقط بسبب قدراته النووية، وإنما لأن المعرفة التقنية باقية، وتشكّل تهديدًا مستقبليًا، كما أن إيران قد ترد على الضربات الأخيرة بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتشرع – بشكل علني – في تصنيع قنبلة نووية، مع ما يتطلبه ذلك من تغيير عقيدتها الاستراتيجية.

إيران بين فكي كماشة

وأشار الشوبكي إلى أن النظام الإيراني يقف اليوم بين فكي كماشة، فإما الخضوع للشروط الغربية ومواجهة السخط الشعبي الداخلي، أو المضيّ في التصعيد والمخاطرة بحرب شاملة، قد تكون نتيجتها تدمير شامل لمنشآته الحيوية وسقوط النظام تحت وطأة الضغط الخارجي والداخلي.

وبذلك، فإن مستقبل النظام الإيراني أصبح أقرب إلى الماضي منه إلى الحاضر، والنظام بات أقرب إلى أن يكون "قصة منتهية"، بفعل الاستهدافات العسكرية من جانب، وبفعل التحولات التي طرأت على موقف المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحد من جانبٍ آخر.

واختتم الشوبكي حديثه بالقول إن المنطقة دخلت مرحلة دقيقة من الاحتمالات المفتوحة، فكل الأطراف داخل دائرة الخطر، وكل الخيارات مطروحة على الطاولة، فيما يبقى السؤال المحوري حول ما إذا كانت إيران ستغامر إيران بالتصعيد حتى النهاية أم تتجه نحو خفض التصعيد وتجرّع "كأس السم"؟

تابعونا على جوجل نيوز
البحر المتوسط لإدارة المواقع الإخبارية الالكترونية