بعد إيران... سوريا هي الهدف
قال الخبير العسكري محمد المغاربة إن نظام الحكم في دمشق لن يصمد طويلًا بعد انهيار طهران، إذ سيفقد بشكل تلقائي مظلته الإقليمية الأخيرة، ولن يبقى له من الحلفاء من هو قادر على ملء الفراغ أو تغذية الاستمرارية.
وأوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية أنه مع تحييد إيران، ستتلاشى المخاوف الغربية والإقليمية من تحالف "الشرع" مع طهران قوية، وستنتهي الحاجة إلى احتضانه المؤقت أو مجاملته السياسية، وبذلك، تُسحب الشرعية الضمنية التي مُنحت له ضمن صفقة المماطلة الإقليمية، ولن يُترك لتركيا موقع قدم واحد في دمشق أو محيطها، ضمن تصور جديد للمنطقة يضيق بالخيوط المتشابكة.
وبيّن المغاربة أن طبيعة الضربات الإسرائيلية (ومَن خلفها من القوى الغربية) ضد إيران كشفت عن حجم الاستعداد الاستراتيجي، وعن حسابات دقيقة للزمن والجاهزية، وهو ما ينسف نظريات "التراخي الإقليمي" و"التفاهم الأمريكي المرحلي" مع نظام دمشق، فالرفع المؤقت للعقوبات، والمسايرة السياسية، وامتصاص الضغوط على النظام في دمشق طيلة الأشهر الستة الأخيرة لم تكن إلا خطوة تكتيكية ضمن أولويات عليا، هدفها تأجيل انهيار النظام السوري حتى تكتمل حلقة إسقاط إيران.
وذكر أنه من البديهي أن تسلسل المخطط كان يعي أن سقوط النظام السوري قبل إضعاف إيران كان سيمنح طهران، عبر ميليشياتها، فرصة ذهبية لإعادة التمركز واستثمار الفوضى الناتجة عن انهيار السلطة، وتمديد نفوذها نحو لبنان، عبر دعم متجدد لحزب الله، وخلق بيئة "مصالحة مذهبية شاملة" بين دمشق وطهران وبغداد، بل وحتى جنوب لبنان، وهو السيناريو الذي كان سيعقّد مسار الضربات الغربية بشكل جذري.
ولفت المغاربة الانتباه إلى أن المهادنة المعلنة مع أنقرة، والتي بدا أنها مؤقتة في الأشهر الأخيرة، كانت جزءًا من هندسة إقليمية ظرفية تفرض تأجيل الخلافات مع تركيا إلى ما بعد تصفية الحساب مع طهران، فما إن تُقلم أظافر إيران وتُسقط ورقة تحالفها مع دمشق، حتى يتضح أن لا جدوى من استمرار دعم "الشرع"، ولا مصلحة لأية قوة دولية أو إقليمية في ترك موطئ نفوذ تركي في الجغرافيا السورية، لا سيما في ظل توجّه استراتيجي يرمي إلى تقليم نفوذ أنقرة، بصيغتها الأيديولوجية الحالية، باعتبارها الهدف المرحلي التالي.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن سوريا ما بعد إيران ستكون ساحة إعادة ضبط كبرى، لا موقع فيها لنظام منهك، ولا حلفاء متضاربين، ولا فضاءات مفتوحة للتداخلات، مضيفًا أنها لحظة إعادة كتابة جيوسياسية بممحاة غير قابلة للتفاوض.

